الرابعة: المشهور بين الأصحاب أن جميع ما ينفقه في السفر للتجارة من رأس المال سواء كانت النفقة زيادة على نفقة الحضر أو ناقصة أو مساوية، وكل ما يحتاج إليه للأكل والشرب لنفسه ودوابه وخدامه حتى القرب والجواليق ونحوهما، إلا أنها بعد انتهاء السفر والاستغناء عنها يكون كل ذلك من أصل المال، سواء حصل له ربح أم لا.
وقيل: إنه لا يخرج من أصل المال، إلا ما زاد على نفقة الحضر، للاجماع على أن نفقة الحضر على نفسه، فما ساواه في السفر يحتسب أيضا عليه، والزائد على ذلك من مال القراض، وأيد ذلك بعضهم بأنه إنما حصل بالسفر الزيادة لا غير، أما غيرها فسواء كان مسافرا أم حاضرا لا بد منها، فلا يكون من مال القراض.
وقيل: إن نفقة السفر كلها على العامل كنفقة الحضر، وعلل بأن الربح مال المالك، والأصل أن لا يتصرف فيه إلا بما دل عليه الإذن، ولم يدل إلا على الحصة التي عينها للعامل، وهو لم يدخل في العمل إلا على هذا الوجه، فلا يستحق سواه.
ويدل على القول الأول ما رواه الكليني في الصحيح " عن علي بن جعفر (1) عن أخيه أبي الحسن (عليه السلام) قال: في المضارب ما أنفق في سفره فهو من جميع المال، فإذا قدم بلده فما أنفق من نصيبه ".
وعن السكوني (2) عن أبي عبد الله (عليه السلام) " قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): في المضاربة " الحديث ورواه في الفقيه (3) مرسلا " فقال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): مثله " وبه يظهر قوة القول المشهور، وأنه المؤيد المنصور، فلا يلتفت إلى هذه التخريجات الضعيفة، والتعليلات السخيفة كما عرفت في غير مقام.