إلى المارة في تلك الطريق وما يليق بها، فلو كانت من الطرق التي تمر فيها الجيوش والجمال والفرسان وجب أن لا يضر بالعماريات والكنايس، واعتبر ارتفاع ذلك بحيث يمر فيه الفارس لا يصدم رمحه مما لاعلى عنقه، واعتبر العلامة في التذكرة أن يتمكن الفارس من الممر تحته ورمحه منتصب لا يبلغه، قال: لأنه قد تزاحم الفرسان فيحتاج إلى أن تنصب الرماح، ومنعه في الدروس لندرته، وقواه في المسالك لامكان اجتماعهم مع إمالته بحيث لا يبلغهم.
الثاني - المفهوم من كلامهم وتقييد الضرر بالمارة كما قدمنا ذكره أنه لو أضر بغير هم من جار ونحوه بحيث استلزم الاشراف عليه لم يمنع منه، كما لا يمنع لو كان وضع الجناح والروشن في ملكه فاستلزم الاشراف على جاره.
وخالف في ذلك العلامة في التذكرة فقال: بالمنع من ذلك فارقا بينه وبين الوضع في ملكه، قال في الكتاب المذكور: إذا أخرج جناحا أو روشنا في الشارع النافذ فقد بينا أنه ليس لأحد منعه مع عدم التضرر به، فلو تضرر جاره بالاشراف عليه فالأقرب أن له المنع، لأنه قد حصل به الضرر، بخلاف ما لو كان الوضع في ملكه فإنه لا يمنع وإن حصل معه الاشراف، لأن للانسان التصرف في ملكه كيف شاء، ويمنع في الملك من الاشراف على الجار لا من التعلية المقتضية لامكانه، قال: ولست أعرف في هذه المسألة بالخصوصية نصا من الخاصة ولا من العامة، وإنما صرت إلى ما قلت عن اجتهاد، ولعل غيري يقف عليه أو يجتهد فيؤديه اجتهاده إلى خلاف ذلك انتهى ملخصا.
واعترضه في المسالك فقال: وفيه نظر لأن المعتبر في الموضوع في الطريق عدم الاضرار بأهل الطريق، لأنه موضوع للاستطراق فيمتنع ما ينافيه، أما اعتبار عدم الاضرار بغير هم فلا دليل على المنع منه، بل قد تقدم أنه لا يمنع مما يضر بغير من يعتاد سلوكه خاصة، فضلا عن غير المار، والجار خارج عن ذلك كله، فلا وجه للمنع مما يقتضي اضراره، كما لو أحدث ببناء في مباح يقابله واستلزم الاشراف عليه، وكلام العلامة وغيره حيث قيدوا الضرر بالمارة دليل عليه، وإنما عمم هو الضرر في فرعه. انتهى.