أبيهم عليهم السلام وينتقض قياسهم باللعان مسألة اختلف علماؤنا في العدد المقتضى للتحريم فالمشهور ان المقتضى للتحريم خمس عشرة رضعة تامات و ذهب جماعة من علمائنا إلى أن المقتضى للتحريم عشر رضعات احتج الأولون بأصالة الإباحة واستصحابها وبما رواه زياد بن سوقه عن الباقر (ع) قال قلت له هل للرضاع حد يؤخذ به فقال لا يحرم الرضاع أقل من رضاع يوم وليلة أو خمس عشرة رضعة متواليات من امرأة واحدة من لبن فحل واحد لم تفصل بينهم رضعة امرأة غيرها ولو أن امرأة رضعت غلاما أو جارية عشر رضعات من لبن فحل واحد وأرضعتها امرأة أخرى من لبن فحل اخر شعر رضعات لم يحرم نكاحها وما رواه علي بن رباب في الصحيح عن الصادق (ع) قال قلت ما يحرم من الرضاع قال ما ابنت اللحم وشد العظم قلت فتحرم عشر رضعات قال لا انها لا تنبت اللحم ولا تشد العظم عشر رضعات وفي الموثق عن عبيد بن زرارة عن الصادق (ع) قال سمعته يقول عشر رضعات لا يحر من شيئا احتج الآخرون بصدق اسم الرضاع فيدخل تحت الآية وبما رواه عبيد بن زرارة عن الصادق (ع) قلت فما الذي يحرم من الرضاع قال ما انبت اللحم والدم فقلت وما الذي ينبت اللحم والدم فقال كان يقال عشر رضعات فقلت هل يحرم بعشر رضعات فقال دع هذا أو قال ما يحرم من النسب فهو يحرم من الرضاع وعن هارون مسلم عن الصادق عليه السلام يبلغ عشر إذا كن متفرقات قال لا يحرم من الرضاع الا ما شد العظم وانبت اللحم فاما الرضعة والرضعتان والثلاث حتى يبلغ عشرا إذا كن متفرقات فلا باس دل على ثبوت الباس إذا كانت متوالية حتى تبلغ والجواب ان مطلق الارضاع ليس مرادا بالاجماع فخرج عن الدلالة وبقيت الإباحة على أصلها وعن الحديث الأول انه أجاب بقوله كان يقال وهو يدل على استضعافه (ع) ويؤيده تمام الحديث فان السائل لما سأله عن العشر هل تحرم اعرض عليه السلام عن الجواب للتقية والحديث الثاني يدل من حيث المفهوم وفيه ضعف خصوصا مع معارضة المنطوق له في قوله (ع) عشر رضعات لا تحرم واما العامة فقد اختلفوا فمنهم من حرم بالقليل و الكثير وقد سبق ومنهم من ضبط عددا يوجب التحريم فقال الشافعي المقتضى التحريم انما هو خمس رضعات وهو مروى عن عايشه و عبد الله بن مسعود و عبد الله بن الزبير وبه قال عطا وطاوس واحمد في أصح الروايات واسحق لقول عايشه (كان صح) فيما انزل عشر رضعات معلومات يحرمن فنسخ بخمس معلومات يحر من ونمنع النقل خصوصا ولم يحك عن المنقول فربما قالت ذلك عن اجتهاد وقال أبو ثور وداود وابن المنذر تحرم الثلث لما رواه عبد الله بن الزبير ان النبي صلى الله عليه وآله قال لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان ولا دلالة فيه على عدم تحريم الزايد الا من حيث المفهوم وأحاديثنا تدل من حيث المنطوق واعلم أن للشافعية مذهبين آخرين أحدهما ان الرضعة الواحدة تحرم كمذهب أبي حنيفة ومالك والثاني ان الثلاث تحرم كمذهب ابن المنذر وداود واختلف القائلون بان المحرم هو الخمس من الشافعية بأنه لو حكم حاكم بالتحريم برضعه هل ينقض حكمه أم لا قال بعضهم ينقض وقال آخرون لا ينقض مسألة وللرضاع المحرم عند علمائنا تقديران آخران أحدهما ما انبت اللحم وشد العظم ولا خلاف في التحريم وبه لقول الصادق (ع) لا يحرم الرضاع الا ما انبت اللحم وشد العظم أو انشر العظم الثاني رضاع يوم وليلة لمن لا يضبط العدد لقول الباقر (ع) لا يحرم الرضاع أقل من رضاع يوم وليله أو خمس عشرة رضعة الحديث إذا عرفت هذا يثبت الرضاع المحرم بما حصل به أحد التقاويل الثلاثة إما رضاع يوم وليلة لمن لم يضبط العدد أو رضاع خمس عشر رضعة أو ما ابنة اللحم وشد العظم عند علماء الإمامية وروى عن حفصة وعايشه انهما قالتا لا تحرم دون عشر رضعات لان عروة روى في حديث سهله بنت سهيل فقال لها رسول الله فيما بلغنا ارضعيه عشر رضعات فيحرم بلبنها ولا دلالة فيه لأنه روى في هذا الحديث عبارة أخرى ارضعي سالما خمس رضعات فيحرم بلبنها وإذا اختلف لفظه سقط الاحتجاج به مسألة يشترط في الرضعات عند علمائنا بعد ما تقدم من الارتضاع من الثدي امران اخر ان أحدهما أن تكون الرضعة كاملة والثاني توالى الرضعات بمعنى انه لا يفصل بينهما برضاع امرأة أخرى إما كمالية الرضعة فالمرجع فيه إلى العرف إذا الشارع لم يعين لها قدرا مضبوطا بل ورد الشرع بها مطلقا ولم يجدها بزمان ولا بمقدار فدل ذلك على أنه ردهم إلى العرف كما هو عادته في مثله كالقبض وشبهه فإذا ارتضع الصبى وروى وقطع بينا باختياره واعرض اعراضا مملا باللبن كان ذلك رضعة وان قطع لا بنية الاعراض بل قطع لضيق نفس أو للسعال أو للالتفات إلى ملاعب أو للانتقال من ثدي إلى اخر أو قطع عليه المرضعة أو لفظ الثدي ثم عاد في الحال إلى الالتقام أو النهى عن الامصاص والثدي في فمه ثم عاد أو تحول عن الثدي ثم عاد في الحال لنفاد ما إلى فيه الأخر أو تخلل النوم الخفيف أو تقوم المرضعة بشغل خفيف ثم تعود إلى ارتضاعه كان الكل رضعة واحدة وإذا منع قبل استكماله الرضعة لم تعتبر في العدد عند علمائنا وبه قال الشافعي الا فيما إذا قطعت عليه المرضعة ففيه وجهان لأنه لو حلف لا اكلت اليوم الا اكلة واحدة فاستدام الاكل من أول النهار إلى اخره لم يحنث وان اكل وقطع قطعا بينا ثم عاد إليه حنث ولو قطع بشرب ماء أو انتقال من لون إلى اخر أو انتظار لما يحمل إليه من الطعام لم يعد الا اكله واحدة فكذا هنا وكذا لو قطعته المراة دون شبعه ودون قطعه ثم عاد كان الجميع رضعة واحدة وهي أحد وجهي الشافعية لأنها شربة ليس برضعة لأن الاعتبار بالمرتضع دون المرضعة الا ترى انه لو ارتضع منها وهي نائمة خمس رضعات تعلق بها التحريم وان لم يكن لها فيه فعل وكذا الحالف لو منع من الطعام لم يكن من اكله اكله والثاني ان الأول يحتسب رضعة لان القطع وجد بينا وتعتبر المراة في الرضاع كما يعتبر المرتضع الا ترى انه لو ارتضع من لبن ميتة لم يتعلق به حكم وكذا لو وجرته وهو نايم تعلق به التحريم عنده وهو ممنوع عندنا على ما تقدم إما لو ارتضع من امرأة ثم انتقل إلى امرأة أخرى قبل ان يقطع قطعا بينا فهل يكون ما شربه من كل واحدة رضعة من كل واحدة لأنه لم يقطع ما بينهما فهو بمنزلة من انتقل (إلى ثدي صح) من ثدي ومن انتقل في الاكل من لون إلى لون فعلى هذا لو كان ارتضع من كل واحدة أربع رضعات ثم شرب من واحدة وانتقل إلى الأخرى فأتم شربه منها لم يحرم على واحدة منهما لأنه لم يتم العدد ف ي حقها والثاني ان ذلك رضعة من كل واحدة منهما لأنه قطع عن شربه منها قطعا بينا فكان رضعة كما لو لم يشرب من الأخرى بخلاف الانتقال من ثدي إلى ثدي لان ذلك لبن واحد وهنا انتقل من لبنها إلى غيره وكذا الطعام هو طعام واحد وان اختلفت ألوانه واللبن في حقهما مختلف وهذا لا يتأتى على مذهبنا حيث شرطنا عدم الفصل بين الرضعات برضعات امرأة أخرى مسألة يشترط توالى الرضعات من المرأة الواحدة فلو تخلل بين العدد رضاع امرأة أخرى لم ينشر الحرمة ولم يعتد برضاع شئ منهما ما لم يكمل رضاع إحديهما خمس عشر رضعة متوالية فلو رضع من إحديهما أربع عشر رضعة ثم رضع مثلها من أخرى لم يعتد بذلك الرضاع عند علمائنا أجمع لقول الباقر (ع) لا يحرم الرضاع أقل من رضاع يوم وليلة أو خمس عشرة رضعة متواليات من امرأة واحدة من لبن فحل واحد لم يفصل بينها رضعة امرأة غيرها ولو أن امرأة أرضعت غلاما أو جارية عشر رضعات من لبن فحل واحد وأرضعتها امرأة أخرى من لبن فحل اخر عشر رضعات لم يحرم نكاحها ولان مطلق الارتضاع غير كاف على ما تقدم بل لا بد من تأثيره في تربية البدن وقد أشار (ع) بقوله الرضاع ما انبت اللحم
(٦٢٠)