ان أم الولد لا تخرج بالاستيلاد عن الرقية بل يجوز بيعها في مواضع تأتي نعم إن كان موسرا منع من بيعها لأجل ولدها ما دام حيا فان مات جاز بيعها مطلقا وان مات مولاها قبله عتقت من نصيب ولدها وقضي الدين من التركة وإن كان معسرا ولا تركة بيعت في الرهن قالت الشافعية ان قلنا ينفذ الاستيلاد فعليه القيمة والحكم كما مر في العتق وان قلنا لا ينفذ فالرهن بحاله فلو حل الحق وهي حامل بعد لم يجز بيعها لأنه حامل بحر وفيه وجه اخر وإذا ولدت فلا تباع حتى تسقي ولدها اللبا وإذا سقته ولم يوجد مرضع فلا تباع حتى يوجد خوفا من أن يسافر بها المشتري فيهلك الولد ولو وجدت مرضع بيعت ولا يبالي بالتفريق بين الام وولدها للضرورة فان الولد حر وبيعه ممتنع ثم إن كان الدين يستغرق قيمتها بيعت بأجمعها والا بيع منها بقدر الدين وان افضى التشقيص إلى نقص رعاية لحق الاستيلاد بخلاف ما لو كان قيمة العبد مائة وهو مرهون بخمسين وكان لا يشتري نصفه الا بأربعين ويشتري الجميع بمائة فإنه يباع الجميع دفعا لتضرر المالك وان لم يوجد من يشتري البعض بيع الكل للضرورة وإذا منها شئ بقدر الدين انفك الرهن عن الباقي واستقر الاستيلاد ويكون النفقة على المشتري والمستولد بقدر النصيبين والكسب بينهما كذلك ومهما عادت إلى ملكه بعد ما بيعت في الدين فهل يحكم بنفوذ الاستيلاد طريقان أظهرهما انه على قولين كما لو استولد جارية الغير بالشبهة ثم ملكها قيل لا يحكم به وقيل يحكم وهو الاظهر عندهم وإن كان الاظهر في هذه الصورة في الاعتاق عدم نفوذ العتق والفرق ان الاعتاق قول يقتضي العتق في الحال فإذا رد لغي بالكلية والاستيلاد فعل لا يمكن رده وانما منع حكمه في الحال لحق الغير فإذا زال حق الغير عمل عليه والطريق الثاني القطع بنفوذ الاستيلاد لوقوعه في الملك بخلاف استيلاد جارية الغير بالشبهة ولو انفك الرهن عنها ولم تبع لم يصح بيعها بعد الاستيلاد ومنهم من خرجه على الخلاف المذكور فيما إذا بيعت وعادت لان الملك هنا هو الملك الذي تصرف فيه وليس للراهن ان يهب هذه الجارية للمرتهن وانما تباع في الحق للضرورة. مسألة: لو ماتت الجارية التي أولدها الراهن بالولادة فإن كان الوطي بإذن المرتهن فلا شئ والا وجب عليه القيمة ويكون رهنا إما عند الشافعي فإذا لم يأذن المرتهن وقلنا الاستيلاد غير نافذ كما اختاره الشافعي في بعض أقواله فعليه قيمتها يكون رهنا مكانها لأنه سبب إلى اتلافها بالاحبال والضمان كما يجب بالمباشرة يجب بالتسبيب كحفر البئر ونحوه وقال بعض الشافعية لا يجب عليه القيمة لان إضافة الهلاك إلى الوطي بعيدة واحالته على علل وعوارض يقتضي شدة الطلق أقرب ولو أولد أمة الغير بالشبهة وماتت بالولادة وجب عليه الضمان عندنا واما عند الشافعية ففي وجوب القيمة هنا الخلاف ولو كانت حرة ففي وجوب الدية وجهان أقيسهما عندهم الوجوب لان طريق وجوب الضمان لا يختلف بالرق والحرية وأشهرهما المنع لان الوطي سبب ضعيف وانما أوجبنا الضمان في الأمة لان الوطي استيلاء عليها والعلوق من اثاره فأدمنا به اليد والاستيلاء كما لو نفر المحرم صيدا فبقى نفاره إلى التعثر والتلف والحرة لا تدخل تحت اليد بالاستيلاء ولو أولد امرأة بالزنا وهي مكرهة وماتت بالولادة فإنه يجب عليه الضمان سواء كانت حرة أو أمة وهو أحد قولي الشافعي وأصحهما عندهم المنع لان الولادة في الزنا لا يضاف إلى وطيه لان الشرع قطع نسب الولد عنه وليس بجيد لان التكون من نطفته والسبب في التلف صادر عنه وهو أمر حقيقي لا يتغير بتغير الشرايع ولا خلاف في عدم وجوب الضمان عند موت الزوجة من الولادة لان الهلاك مستند إلى سبب مستحق شرعا وكل موضع أوجبنا الضمان في الحرة فهي الدية المضروبة على العاقلة وكل موضع وجبت فيه القيمة فالاعتبار باية قيمة ثلاثة أوجه للشافعية أحدها بأقصى القيم من يوم الأحبال إلى الموت تنزيلا له منزلة الاستيلاء والغصب وثانيها بقيمته يوم الموت لان التلف حينئذ متحقق وأصحها عندهم بقيمته يوم الأحبال لأنه سبب التلف فصار كما لو جرح عبدا قيمته مائة وبقى ضمنا حتى مات وقيمته عشرة فان الواجب مائة ولو لم تمت الجارية ونقصت قيمتها بالولادة فعليه الأرش ليكون رهنا معها وله ان يصرف القيمة أو الأرش إلى قضاء الحق ولا يرهن. مسألة: كل تصرف لا يضر بالمرتهن يجوز للراهن فعله عند الشافعي ومالك في رواية عنه خلافا لأبي حنيفة وللشيخ رحمه الله قال الشيخ واما استخدام العبد المرهون وركوب الدابة المرهونة وزراعة الأرض المرهونة وسكنى الدار المرهونة فان ذلك كله غير جايز عندنا ويجوز عند المخالفين وعن أحمد روايتان ويمكن الاحتجاج للأول بقوله (ع) الظهر يركب إذا كان مرهونا وعلى الذي يركب نفقته ويروى أنه قال الرهن محلوب ومركوب ومن طريق الخاصة رواية السكوني عن الصادق عن أبيه الباقر عن ابائه عن علي عليهم السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله الظهر يركب إذا كان مرهونا وعلى الذي يركبه نفقته والدر يشرب إذا كان مرهونا وعلى الذي يشرب نفقته ولان في التعطيل ضررا منفيا بالأصل وبقوله صلى الله عليه وآله لا ضرر ولا ضرار فعلى هذا القول يجوز سكنى الدار وركوب الدابة واستكساب العبد ولبس الثوب إذا لم ينتقص باللبس ويجوز انزاء الفحل على الإناث الا ان يؤثر نقصا والأنثى يجوز الانزاء عليها إن كان محل الدين قبل ظهور الحمل أو تلد قبل حلول الدين وإن كان يحل قبل ظهور الحمل وقبل الولادة فان قلنا الحمل لا يعرف جاز أيضا لأنها تباع مع الحمل و ان قلنا يعرف وهو الصحيح عندهم لم يجز لأنه لا يمكن بيعها دون الحمل والحمل غير مرهون. مسألة: لا يجوز للراهن ان يبني في الأرض المرهونة ولا ان يغرس وبه قال الشافعي وأبو حنيفة لأنه ينقص قيمة الأرض وللشافعية وجه انه يجوز إن كان الدين موجلا واما الزرع فان نقصت به قيمة الأرض لاستيفاء قوتها لم يجز وان لم ينقص إن كان بحيث يحصد قبل حلول الأجل لم يمنع منه عند الشافعي ثم إن تأخر الادراك لعارض ترك إلى الادراك وإن كان بحيث لا يحصد بعد الحلول أو كان الدين حالا منع منه لنقصان الرغبة في الأرض المزروعة وقيل لا يمنع منه لكن يجبر على القلع عند الحلول ان لم يف بيعها مزروعة دون الزرع بالدين ولو خالف ما ذكرناه فغرس أو زرع حيث منع فلا يقلع قبل حلول الأجل فلعله يقضي الدين من غيره وللشافعية وجه اخر انه يقلع فاما بعد حلول الدين ومساس الحاجة إلى البيع يقلع إن كان قيمة الأرض لا يفي بدينه ويزداد قيمتها بالقلع ولو صار الراهن محجورا بالافلاس ففي القلع للشافعية وجهان بخلاف ما لو نبت النخيل من نوى حمله السيل فإنه لا يقلع جزما. مسألة: ان قلنا القبض شرط في الرهن أو لم نقل فإنه ليس للراهن السفر بالرهن سواء طال سفره أو قصر لما فيه من التعرض للاتلاف ولعظم الحيلولة بين المرتهن والرهن كما يمنع زوج الأمة عن السفر بها وله ان يسافر بالحرة وما لا منفعة فيه مع بقاء عينه كالنقود والحبوب ولا تزال يد المرتهن عنه بعد استحقاقه لليد لان اليد هي الركن الأعظم في التوثق فيه وما له منفعة ان أمكن تحصيل الغرض منه مع بقائه في يد المرتهن وجب المصير إليه جمعا بين الحقين وان لم يمكن واشتدت الحاجة إلى إزالة يده جاز فالعبد المحترف إذا تيسر استكسابه في يد المرتهن لم يخرج من يده ان أراد الراهن الاستكساب فان أراد الاستخدام أو الركوب أو شيئا من الانتفاعات التي يحوج استيفائها إلى اخراجها من يده لم يخرج وهو قول الشافعي في القديم ولا يرهن وثيقته والمشهور عندهم انه يخرج ثم ينظر ان استوفى تلك المنافع بإعادة من عدل أو اجارة بالشرط السابق فله ذلك وان أراد استيفائها بنفسه قال الشافعي في الام له ذلك ومنع منه في القديم فحمل بعضهم الأول على الثقة والثاني على غيره وقال آخرون فيه قولان مطلقا ووجهوا الثاني بما يخاف من جحوده وخيانته لو سلم إليه والأول بان ماله استيفائه بغيره له استيفاؤه بنفسه وهو أظهر عندهم ثم إن وثق المرتهن بالتسليم فذاك والا اشهد عليه شاهدين انه يأخذه للانتفاع فإن كان مشهور العدالة موثوقا به عند الناس فوجهان أشبهما انه يكتفي بظهور حاله ولا يكلف الاشهاد في كل
(٢٩)