بالقبض والقبض لا يصادف ما تناوله العقد ولا مستحقا بالعقد لان البيع سبب الاستحقاق. مسألة: لا يشترط في صحة الرهن كونه مقررا بل يصح رهن المشاع كما يصح رهن المقسوم سواء رهن من شريكه أو من غير شريكه وسواء كان ذلك مما يقبل القسمة أو لا يقبلها وسواء كان الباقي للراهن أو لغيره مثل ان يرهن نصف داره أو نصف عبده أو حصته من الدار المشتركة بينه وبين غيره عند علمائنا أجمع وبه قال مالك والشافعي والأوزاعي وابن أبي ليلى وعثمان البتي وعبيد الله بن الحسن العنبري وسوار القاضي وأبو ثور وداود واحمد لعموم قوله تعالى فرهان مقبوضة وللأصل ولأنها عين يجوز بيعها في محل الحق فجاز رهنها كالمنفرد وقال أبو حنيفة لا يجوز رهن المشاع من غير اذن الشريك ولو طرأت الإشاعة على الرهن بان يبيع بعضه ففيه وجهان وفي رهنه من الشريك روايتان لأنه يستحق زوال يده عنده بمعنى قارن الرهن فلم يصح رهنه كالمغصوب ويمنع وجوب زوال اليد وينتقض بالقاتل والمرتد والمغصوب رهن في ملك غيره بغير اذنه ولا ولايته بخلاف المتنازع. مسألة: لو رهن نصيبه من بيت معين من الدار المشتركة بإذن الشريك صح ولو لم يأذن الشريك فكذلك عندنا وهو أصح وجهي الشافعية لأنه يصح بيعه بدون اذن الشريك فصح رهنه والثاني لا يجوز لأنه ربما يتفق القسمة ويقع هذا البيت في نصيب صاحبه فيكون قد رهن ملك غيره بخلاف البيع فإنه إذا باع زال ملكه عن البيت واستحالت المقاسمة معه ولبعض القائلين بالثاني قال إن الحكم في البيع مثله وعلى القول بالوجه الأول لو اتفقت القسمة كما قرر فهو كتلف المرهون أو يغرم قيمته فيه احتمالان أوجههما الثاني إضافة للفوات إليه وكيف ينزل منزلة الآفة السماوية وقد حصل له في قطر اخر من الدار مثل ما كان له في ذلك البيت وقال بعضهم بقول متوسط بين القولين وهو انه إن كان مختارا في القسمة غرم القيمة وإن كان مجبرا فهو كالفوات. تذنيب: القبض في رهن المشاع بتسليم الكل فإذا حصل القبض جرت المهاياة بين المرتهن والشريك جريانها بين الشريكين ولا بأس بتبعيض اليد بحكم الشيوع كما لا بأس به لاستيفاء الراهن المنافع. الشرط الثاني: ان يكون العين مملوكة لان مقصود الرهن استيفاء الحق من ثمن المرهون عند الحاجة وانما يتحقق الثمن فيما يصح بيعه وغير المملوك لا يصح بيعه فلا يصح رهنه ولا يصح رهن ما لا يصح تملكه مطلقا كالحر وكالحشرات وما لا منفعة فيه كفضلات الانسان وأشباهها مما لا يعد ملكا إذ لا استيثاق فيه وسواء فرض له منفعة محرمة لم يعتبرها الشارع كآلات اللهو والقمار التي لا قيمة لها بعد إزالة الوصف المحرم عنها أو لم يكن كالحشرات ولو كان لها قيمة بعد الكسر فالوجه المنع من رهنها ما دامت صحيحة كما لا يصح بيعها الا بعد كسرها وكذا لا يصح رهن ما لا يصح تملكه للمسلم إن كان الراهن أو المرتهن مسلما كالخمر وشبهه ولو كانا ذميين جاز الرهن ولو أسلما أو أحدهما قبل فكه بطل الرهن ولو رهن الذمي خمرا عند مسلم لم يصح و ان وضعها على يد ذمي على خلاف. مسألة: لو رهن ملك غيره بغير اذنه وقف على الإجازة فان اجازه المالك صح والا بطل ولو رهن المملوك له ولغيره صح الرهن في حصة المملوكة خاصة وكان موقوفا على الإجازة في حصة الأخر سواء كان الرهن واحدا مشاعا بينهما أو رهن ملكين صفقة أحدهما له والآخر لصاحبه. مسألة: لا يصح رهن أرض الخراج وهي الأرض التي صالح الامام أهل بلد على أن يكون ملكا للمسلمين وضرب عليهم الخراج فان ذلك اجرة وبه قال الشافعي لان الرهن لا يختص بها بل حكمها راجع إلى جميع المسلمين بالسوية فلا يجوز بيع ذلك ولا رهنه وارض العراق وهو سواد الكوفة فهو من تخوم الموصل إلى عبادان طولا ومن القادسية إلى حلوان عرضا فهي من الأرض المفتوحة عنوة فعندنا ان المحياة منها وقت الفتح للمسلمين قاطبة لا يختص بها المقاتلة والغانمون بل هي لجميع المسلمين لا يصح بيعها ولا وقفها ولا رهنها ومواتها وقت الفتح للامام خاصة وقال الشافعي ان عمر فتحها عنوة وقسم الأراضي بين الغانمين ثم رأى انهم يشتغلون بها عن الجهاد فاستزلهم عنها وردها إلى أهلها وضرب عليهم الخراج وقال بعض الشافعية انه وقفها على المسلمين وجعل الخراج اجرة يؤخذ في كل سنة وقال ابن شريح منهم ان الخراج ثمن الأرض يؤخذ منه كل سنة جزء وظاهر مذهب الشافعي الأول وهو مذهب احمد وابن شريح يقول لم يرد الشافعي بقوله ارض العراق لان الناس يتبايعونها من لدن عمر إلى الان ولم ينكر ذلك منكر وقال أبو حنيفة ان عمر أقر أهلها عليها وضرب الخراج فعلى قول ابن شريح من الشافعية يجوز بيعها ورهنها وعلى قول بعضهم انه لا يصح بيعها ولا رهنها وإن كان فيها بناء وغرس فإن كان البناء معمولا من ترابها فحكمه حكمها وإن كان من غيرها جاز رهنه ورهن الغراس وان أفرد الغراس بالرهن صح وان رهنه مع الأرض لم يصح رهن الأرض فاما البناء والغراس فمبني على القولين في تفريق الصفقة فان قلنا يفرق صح فيه وإذا قلنا لا يفرق لان الصفقة جمعت حلالا وحراما فسد في الجميع وان قلنا لا تفرق لان ذلك يؤدي إلى جهالة العوض في الجايز منه صح الرهن هنا فيما يجوز لأنه لا عوض فيه وإذا صح الرهن في البناء والغراس فلا خراج على المرتهن وانما هو على الراهن فان الخراج مضروب على الأرض ولو كان الخراج على الغراس أيضا كان على الراهن دون المرتهن لان الخراج تابع للملك وهو للراهن خاصة ولا شئ على المرتهن ولا على المستأجر فان أداه المرتهن عن الرهن بغير امره لم يرجع عليه به لأنه متبرع به متطوع بقضاء الدين وقال بعضهم يرجع به لان نفع ذلك عاد إلى المقضى عنه وهو يبطل بالهبة وان قضاه باذنه فان شرط له الرجوع وجب له الرجوع وان لم يشترط الرجوع بل اطلق الامر فللشافعية وجهان أحدهما يرجع لان امره بذلك يقتضي الرجوع عليه كما إذا امره بشراء شئ له فان الثمن يجب عليه والثاني لا يرجع لأنه إذا لم يشترط العوض له كان متطوعا كما لو ملكه شيئا ولم يشترط العوض فإنه يكون هبة ولا يستحق عليه شيئا والأصل في الوجهين قولا الشافعي واختلافهما فإنه قال الا ان يكون دفعه بأمره وهذا يعطي الاكتفاء بالامر في الضمان والرجوع وقال تارة لو دفع إلى قصار ثوبا فقصره فلا اجرة له عليه لأنه لم يشرطها له فجعل علة الاستحقاق الاشتراط. مسألة: يجوز رهن العصير لأنه عين يصح تملكها ويجوز بيعها اجماعا فيصح رهنها وخوف تغيرها لا يمنع من صحة الرهن كما يجوز رهن المريض فان استحال حلوا أو حامضا فالرهن بحاله وان صار خمرا بعد الاقباض في يد المرتهن خرج من كونه رهنا لبطلان الملك فيه وخرج من كونه مملوكا ولا خيار للمرتهن إن كان الرهن مشروطا في بيع لحدوث العيب في يده وهو قول جمهور الشافعية فإذا عاد خلا عاد الرهن كما يعود الملك وقال بعضهم لا يعود الرهن الا بعقد جديد وقال بعضهم لا يخرج عن كونه رهنا ولا يقول بأنها مرهونة بل يتوقف فان عاد خلا بان ان الرهن لا يبطل وان بقى على الخمرية ظهر بطلان الرهن وقال أبو حنيفة وأصحابه انه لا يزول ملك الراهن عنه فهو رهن بحاله لان له قيمة في حال كونه عصيرا ويجوز ان يصير له قيمة في الثاني فلا يزول ملكه عنه كما لو ارتد العبد وليس بجيد لان كونه خمرا يمنع صحة التصرف والضمان على المرتهن فبطل فيه الملك كموت الشاهد ويفارق المرتد لأنه يصح فيه التصرف إذا عرفت هذا فقولنا ان الرهن يبطل لا نريد به اضمحلال اثره بالكلية والا لم يعد الرهن بل المراد ارتفاع حكمه ما دامت الخمرية ثابتة ولو رهن شاة فماتت في يد المرتهن بطل ملكها وخرجت من الرهن فان عاد الراهن فدبغ جلدها لم يصح تملكه عندنا لبقاء نجاسته بعد الدبغ وعند العامة يطهر بالدباغ فعلى قولهم يعود ملك الراهن إليها وللشافعية في عود الرهن في الجلد بعد الدبغ وجهان أحدهما انه يعود الرهن لان الملك الأول عاد فتبعه الرهن كما إذا انقلبت الخمر خلا وأظهرهما عند أكثر الشافعية لا يعود لان ماليته مخلوقة بالصنعة و المعالجة فالراهن ملك الجلد بالدباغ وذلك اثر استحدثه وليس العايد ذلك الملك وهو قول أبي إسحاق بخلاف الخمر إذا تخللت لأنه عادت بنفسها و
(١٧)