عليه في المبادرة أول أوقات زوال العذر فلو طالبه بالرد ليلا والوديعة في صندوق أو خزانة لا يمكن فتحهما في تلك الحال لم يكن مفرطا وكذا لو طالبه وهو مشغول بالصلاة أو بقضاء حاجة أو طهارة أو في حمام أو على طعام فاخر حتى يفرغ أو كان ملازما لغريم يخاف فوته أو كان يجئ المطر والوديعة في البيت واخر حتى ينقطع ويرجع إلى البيت وما أشبه ذلك فهو جايز ولا يعد ذلك تقصيرا ولا يؤثر ضمانا لو تلفت الوديعة في تلك الحال على اشكال أقربه التفصيل وهو ان التأخير إن كان لتعذر الوصول إلى الوديعة فلا ضمان وكذا لو كان في صلاة فرض وإن كان لعسر يلحقه وغرض يفوته أو كان في صلاة نفل فالأقرب انه يضمن لان دفع الوديعة إلى المالك مع المطالبة واجب مضيق وهذه الأشياء ليست اعذارا فيه وبعض الشافعية جوز له التأخير في هذه الأشياء بشرط التزام خطر الضمان مسألة لو طلب المالك الوديعة فقال لا أرد إليك حتى تشهد عليك بالقبض فالأقرب ان المالك إن كان وقت الدفع اشهد عليه بالايداع فللمستودع ذلك ليدفع عن نفسه التهمة وان لم يكن المالك اشهد عليه عند الايداع لم يكن له ذلك ويكون ضامنا وهو أحد وجوه الشافعية والثاني انه ليس للمستودع ذلك مطلقا لان قوله في الرد مقبول فلا حاجة به إلى البينة والثالث ان له الامتناع مطلقا لئلا يحتاج إلى اليمين لان الامناء يحترزون عنها ما أمكنهم والرابع إن كان التوقف إلى الاشهاد يورث تأخيرا وتعويقا في التسليم لم يكن له الامتناع والا فله ذلك مسألة وانما يجب عليه الرد عند الطلب لو كان المردود عليه أهلا للقبض فلو أودع ثم حجر الحاكم عليه للسفه لم يجب الدفع إليه بل يرفع امره إلى الحاكم وكذا لو كان الحجر للفلس لتعلق حق الغرماء بعين الوديعة ولو كان المالك (المودع) نائما فوضع المستودع الوديعة في يده كان ضامنا لعدم التكليف على النائم ولو كان المودع جماعة وذكروا ان المال مشترك بينهم ثم جاء بعضهم يطلبه لم يكن للمستودع دفعه إليه ولا قسمته معه بل يرفع الامر إلى الحاكم فيقسمه ويدفع إليه نصيبه ويجعل الباقي في يد المستودع مسألة لو امره المالك بدفع الوديعة إلى وكيله وردها عليه فطلبها الوكيل لم يكن للمستودع الامتناع ولا التأخير مع المكنة فان فعل أحدهما كان ضامنا وحكمه حكم ما لو طلب المالك فلم يرد الا انهما يفترقان في أن المستودع له التأخير هنا إلى أن يشهد المدفوع إليه على القبض لان المدفوع إليه وهو الوكيل لو أنكر الدفع صدق بيمينه وذلك يستلزم ضرر المستودع بالغرم مسألة لو قال له المالك رد الوديعة على فلان وكيلي فلم يطلب الوكيل الرد فإن لم يتمكن المستودع من الرد فلا ضمان عليه قطعا لعدم تقصيره وان تمكن من الرد احتمل الضمان لأنه لما امره بالدفع إلى وكيله فكأنه عزله فيصير ما في يده كالأمانات الشرعية وللشافعية فيه وجهان جاريان في كل الأمانات الشرعية كالثوب تطيره الريح إلى داره وفيه للشافعية وجهان أحدهما انها يمتد إلى المطالبة كالودايع وأظهرهما انها تنتهي بالتمكن من الرد ويجري الوجهان فيمن وجد ضالة وهو يعرف مالكها ولو قال المالك للمستودع رد الوديعة على من قدرت عليه من وكلاي ولا تؤخر فقدر على الرد على بعضهم وأخر ليرده على غيره فهو ضامن عاص بالتأخير ولو لم يقل ولا تؤخر فاخر ضمن بالتأخير وفي العصيان للشافعية وجهان مسألة لو امره المالك بالدفع إلى وكيله أو امره بالايداع لما دفعه إليه ابتداء فالأقرب انه لا يجب على المدفوع إليه الاشهاد على الايداع بخلاف قضاء الدين لان الوديعة أمانة وقول المستودع مقبول في الرد والتلف فلا معنى للاشهاد ولان الودايع حقها الاخفاء بخلاف قضاء الدين وهو أظهر وجهي الشافعية والثاني لهم انه يلزمه الاشهاد كقضاء الدين وقد بينا الفرق وعلى القول الثاني الحكم فيه كما في الوكالة من أنه ان دفع في غيبة المالك من غير اشهاد ضمن وان دفع وهو حاضر لم يضمن مسألة إذا طلب المالك من المستودع الرد فادعى التلف فالقول قوله مع اليمين عند علمائنا سواء ادعى التلف بسبب ظاهر أو خفي لأنه امين في كل حال فكان القول قوله في كل حال هو امين فيها وقال الشافعي إما ان يذكر المستودع سبب التلف أو لا فان ذكر السبب فإن كان خفيا كالسرقة قبل قوله مع اليمين لأنه قد ايتمنه فليصدقه وإن كان سببا ظاهرا كالحريق والغارة والسيل فإن لم يعرف ما يدعيه أهل تلك البقعة لم يقبل قوله بل يطالب بالبينة على ما يدعيه ثم يقبل قوله مع يمينه في حصول الهلاك به وان عرف ما يدعيه بالمشاهدة أو الاستفاضة فان عرف عمومه صدق بغير يمين وان لم يعرف عمومه واحتمل انه لم يصب الوديعة صدق باليمين وان لم يذكر سبب التلف صدق بيمينه ولا يكلف بيان سبب التلف وان نكل المستودع عن اليمين حلف المالك على نفي العلم بالتلف واستحق ولا بأس بهذا القول عندي وهل يلحق موت الحيوان والغصب بالأسباب الظاهرة أو الخفية اشكال مسألة إذا ادعى المستودع رد الوديعة فإما ان يدعى ردها على من ايتمنه أو على غيره فان ادعى ردها على من ايتمنه وهو المالك قدم قوله باليمين على اشكال ينشأ من أنه امين يقبل قوله مع اليمين كالتلف ومن كونه مدعيا فافتقر إلى البينة فان قدمنا قوله باليمين فان مات قبل ان يحلف ناب عنه وارثه وان قطع الطلب عنه بحلفه وقال الشافعي انه يقدم قول المستودع مع اليمين كالتلف ولأنه امين له لا منفعة له في قبضه وبهذا خالف المرتهن فإنه امين مع أنه لا يقبل قوله لأنه قبضه لمنفعته وقال مالك انه ان لم يشهد عليه بالايداع صدق في دعوى الرد وان أشهد عليه لم يصدق وان ادعى على غير من ايتمنه طولب بالبينة لان الأصل عدم الرد وهو لم يأتمنه فلا يكلف تصديقه مسألة لو طلب المالك الوديعة فقال المستودع أودعتها عند وكيلك فلان باذنك فان أنكر المالك الاذن والوكالة صدق باليمين إذا لم يكن بينة لأنه منكر فإذا حلف نظر إن كان فلان مقرا بالقبض والوديعة باقية ردت على المالك فان غاب المدفوع إليه كان للمالك ان يغرم المستودع فإذا قدم الغايب اخذها المستودع وردها على المالك واسترد البدل الذي دفعه وإن كانت تالفة فللمالك ان يغرم من شاء منهما وليس للغارم منهما ان يرجع على صاحبه لزعمه ان المالك ظالم بما اخذ وان أنكر فلان القبض الذي أدعاه المستودع قدم قوله مع اليمين وعدم البينة فحينئذ يختص الغرم بالمستودع وان اعترف المالك بالاذن وأنكر الدفع إلى فلان احتمل تصديق المستودع وكان دعوى الرد على وكيل المالك كدعوى الرد على المالك وهو وجه للشافعية وقول أبي حنيفة وتصديق المالك في عدم الدفع لان المستودع يدعي على من لم يأتمنه وهو أصح وجهي الشافعية ولو وافق فلان المدفوع إليه المستودع في الدفع وقال إنها تلفت في يدي لم يقبل قوله على المالك بل يحلف ويضمن المستودع ولو اعترف المالك بالاذن والدفع معا لكنه قال إنك لم تشهد عليه والمدفوع إليه ينكر كان مبينا على الخلاف السابق في وجوب الاشهاد على الايداع ان أوجبناه ضمن والا فلا ولو اتفقوا جميعا على الدفع إلى الأمين الثاني وادعى الأمين الثاني الرد على المالك أو التلف في يده كان حكمه حكم المستودع الأول من أنه يصدق باليمين في دعوى التلف واما في الرد فلا اشكال هذا فيما إذا عين المالك الثاني فاما إذا امره بان يودع أمينا ولم يعين فادعى الثاني التلف صدق باليمين وان ادعى الرد على المالك وأنكر المالك قدم قول المالك باليمين لأنه يدعي الرد هنا على غير من أئتمنه ويحتمل مساواته للمعين لان امين أمينه أمينه كما يقال عند بعض الشافعية وكيل وكيله وكيله مسألة إذا أراد المستودع سفرا فاودعها أمينا فادعى ذلك الأمين التلف قبل قوله مع اليمين ولو ادعى الرد على المالك لم يصدق الا بالبينة لأنه لم يأتمنه وان ادعى الرد على
(٢٠٦)