خطأ فعلى قولين والثالث انه على قولين عمدا كان أو خطأ وقد مضى توجيه ذلك في البيع فإذا قلنا إنه يصح الرهن فالحكم فيه كما ذكرنا في المرتد سواء إذا عرفت هذا فإن لم يصح الرهن ففداه السيد أو أسقط المجني عليه حقه فلابد من استيناف رهن وان صححناه قال بعضهم انه لا يكون مختارا للفداء كما سبق في البيع وقال بعضهم لا يلزمه الفداء بخلاف ما في البيع والعتق لان محل الجناية باق هنا والجناية لا تنافي الرهن الا ترى انه لو جنى وهو مرهون تتعلق الجناية به ولا يبطل الرهن وان صححنا الرهن والواجب القصاص ومنعناه والواجب المال فرهن والواجب القصاص ثم عفى المستحق على مال فيبطل الرهن من أصله أو هو كجناية تصدر من المرهون حتى يبقى الرهن لو لم يبع في الجناية فيه للشافعية وجهان وإذا قيل به؟؟؟ فلو كان قد حفر بئرا في محل عدوان فتردى فيها بعد ما رهن انسان ففي تبين الفساد وجهان والفرق انه في الصورة الأولى رهن وهو جان وهنا بخلافه. تذنيب: لو رهن عبدا سارقا أو زانيا صح الرهن ويكون ذلك بمنزلة الغيب على ما بيناه وإن كان قد قتل في قطع الطريق فإن كان قبل قدرة الامام عليه صح على أحد القولين لأنه يصح منه التوبة وإن كان بعد القدرة لم يصح لأنه قتله متحتم. تذنيب آخر: قد بينا ان للشافعية ثلاث طرق في رهن الجاني وان منهم من يقول في ذلك قولان فإذا قلنا فيها قولان فرعنا عليه إذا قلنا يصح الرهن كانت الجناية مقدمة عليه فان بيع فيها جميعه بطل الرهن وان بيع بعضه بقي الباقي رهنا لا يقال إذا صححتم الرهن فالا ألزمتموه الفداء كما إذا أعتقه وصححتم عتقه لا نا نقول الفرق بينهما انا إذا صححنا أبطلنا محل الجناية فضمن المبطل بالأرش وفي مسئلتنا محل الجناية باق والجناية لا تنافي الرهن ولهذا إذا جنى بعد ما رهن تعلقت به الجناية ولم يبطل الرهن واما إذا قلنا لا يصح الرهن فان فداه السيد أو برئ من الجناية لم يصر رهنا حتى يبدأ رهنه قال الشافعي ولا فرق بين ان يكون الأرش درهما والعبد يساوي الوفا أو غير ذلك وانما كان كذلك لان اليسير يتعلق بجميعه كتعلق الكثير الا ترى انه لو رهنه عبدا بدرهم يسوي الوفا لم يجز رهنه بشئ آخر عند غيره قولا واحدا وكذا الجناية أيضا. مسألة: يصح رهن المدبر عند علمائنا لان التدبير عندنا وصية وللموصى الرجوع في وصيته وكذا المدبر له الرجوع في تدبيره وإذا صح الرهن بطل التدبير لان ذلك رجوع فيه والشافعية اختلفوا في هذه المسألة على ثلاث طرق منهم من قال انما يكون الرهن مفسوخا على القول الذي يقول إن التدبير عتق بصفة لا يصح الرجوع فيه فاما إذا قلنا إنه وصية صح الرهن و كان رجوعا عن التدبير كما إذا اوصى به لزيد ثم رهنه فإنه يكون رجوعا عن الوصية ويصح الرهن ومنهم من قال يكون الرهن مفسوخا على القولين لان السيد قد يموت فجأة فيبطل مقصود الرهن ولا يعلم وقت موته حتى يباع قبله ولان الشافعي قال في الام ولو دبره ثم رهنه كان الرهن مفسوخا ولو قال رجعت عن التدبير ثم رهنه ففيها قولان وهذا نص في أنه قبل ان يرجع فيه لا يصح الرهن قولا واحدا قال هذا القائل وانما كان كذلك لان الرهن ليس بصريح في الرجوع عن التدبير فلم يكن رجوعا و يفارق ساير الوصايا حيث كان الرهن رجوعا عنها لان التدبير وان قلنا إنه وصية فإنه اكد وأقوى منها لأنه عتق يتنجز بالموت وقد يكون بعض الوصايا اكد من بعض فيقدم بعضها على بعض ومنهم من قال يصح الرهن ويكون التدبير بحاله لان الشافعي قال ما جاز بيعه جاز رهنه والمدبر يجوز بيعه ولان التدبير لا ينافي الوثيقة لأنه لا يمنع من البيع عند محل الحق قال وقولي الشافعي يكون الرهن مفسوخا أراد به إذا امتنع الراهن من بيعه والرجوع في التدبير فإنه يحكم بانفساخ الرهن وبيان ذلك ان على هذه الطريقة يكون رهنا مدبرا فان قضاه الراهن من غيره كان العبد مدبرا وان باعه في الدين بطل التدبير وان امتنع من بيعه ومن الرجوع في التدبير فإن كان له مال غيره قضى الدين منه واجبر عليه وان لم يكن له مال قال أبو إسحاق من الشافعية فيه وجهان أحدهما يباع عليه وينفسخ التدبير والثاني يحكم بفساد الرهن و هذا الوجه الذي تأول به صاحب هذه الطريقة كلام الشافعي وهو قوله وكان الرهن مفسوخا وحمله عليه وليس بصحيح لأنه إذا صحح رهنه لم يجز ان يحكم بفساده بامتناع الراهن عن بيعه بل يجب بيعه بحكم الرهن ولزومه والطريقة الأولى أصح في القياس لان في كون التدبير وصية أو تعليق عتق بصفة قولين معروفين وقضية كونه وصية صحة الرهن والثانية ظاهر كلامه لان كلامه في الام كالصريح في القطع بالمنع لأنه قال ولو دبره ثم رهنه كان الرهن مفسوخا ولو قال رجعت عن التدبير ثم رهنه فقولان فخص القولين بما بعد الرجوع والثالثة مخالفة لقوله وللقياس والمزني اختار ان الرهن يصح ويبطل التدبير كما ذهبنا نحن إليه لان التدبير عنده وصية كما قلناه وقد ثبت انه لو اوصى بعبده ثم رهنه بطلت الوصية وان الشافعي قال لو دبر عبده ثم قال له ان أعطيت ورثتي كذا بعد موتي فأنت حر كان رجوعا في التدبير قال ولان الشافعي قال لو دبر عبده ثم وهبه هبة بتات؟ بطل التدبير اقبضه في التدبير أو لم يقبضه والرهن كالهبة قبل القبض والجواب ان الذين قالوا إنه يصح الرهن على القول الذي يقول إنه وصية لا يلزمهم ذلك ويحملون كلام الشافعي الذي حكاه في العتق على أنه على هذا القول قاله ومن قال لا يصح الرهن على القولين فقد ذكرنا فرقه بين التدبير وساير الوصايا فاما ما حكاه من مسألة الهبة فمن أصحابنا من يقول إذا قلنا التدبير وصية صحة الهبة وكان رجوعا عن التدبير وإذا قلنا إنه عتق بصفة لم يكن ذلك مبطلا للتدبير ومنهم من قال يكون مبطلا للتدبير على القولين لان الهبة تنقل الملك إذا انضم إليها القبض وكانت أقوى من الرهن لأنه لا يقضي عنده إلى إزالة الملك فافترقا واعلم أن عامة الشافعية مالوا إلى ترجيح بطلان الرهن لان العتق مستحق بالتدبير فلا يقوى الرهن على رفعه والجويني اختار الصحة إما على قول انه وصية فظاهر واما على قول انه تعليق عتق بصفة فلانه مع ذلك محسوب من الثلث بخلاف العتق المطلق النازل في حياة المعلق والدين محسوب من رأس المال ولو مات ولم يخلف الا هذا العبد والدين مستغرق ولا رهن لصرفناه إلى الدين ولم يبال باندفاع العتق فلا معنى لمنعه من الرهن لغرض العتق. مسألة: لو رهن عبده ثم دبره قال الشيخ رحمه الله يبطل التدبير لأنه ليس له التصرف فيه والوجه ان يقال يقع موقوفا فان أجاز المرتهن صح التدبير ويكون حكمه انه لو مات المالك قبل الرجوع في التدبير عتق من الثلث ولو قصر الثلث أو لم يكن سواه بيع إما كله أو ما يقوم بباقي الدين أو جميعه ويبطل التدبير كما لو لم يكن رهنا ولو لم يجز المرتهن احتمل بطلان التدبير وعدمه لأنه تصرف في الرهن وقد منع المتراهنان من التصرف في الرهن وكون هذا التصرف غير مضر بالمرتهن فان للمرتهن ان يبيعه في الدين وحينئذ يبطل التدبير ولو لم يبعه وطلب الدين من باقي التركة كان له ذلك فان وقت التركة بالدين قضى منها وعتق المدبر من الثلث ولا يجبر المرتهن على ذلك وهذا كله إذا كان الرهن قد اقترن به الاقباض أو لم يقترن به وقلنا إن الرهن يلزم مع عدم الاقباض واما ان شرطنا في لزومه الاقباض فدبره قبل الاقباض بطل الرهن لأنه جايز وإذا تصرف تصرفا يخالفه بطل ويحتمل الصحة وقال الشافعي في الام لو رهنه ولم يقبضه ثم دبره أو باعه أو صدقه أو وهبه بطل الرهن قال الربيع من أصحابه وفيه قول اخر ان التدبير يصح والرهن بحاله وقال باقي الشافعية ان قول الربيع من نفسه وليس فيها الا قولا واحدا أو إما إن كان بعد الاقباض قال الشافعي في الام يكون التدبير موقوفا يريد به ان التدبير يصح لان الرهن لا ينافيه ثم ينظر فان انفك من الدين قبل موت سيده فهو مدبر وان حل الحق فان قضاه الراهن من غيره كان مدبرا وان باعه في الدين بطل التدبير وان امتنع من بيعه ومن الرجوع إلى التدبير فإن كان له مال قضى منه والا بيع عليه وان مات قبل حل الحق فقد حل الحق بالموت ووجب العتق من الثلث ثم ينظر فان خلف تركة بقي بالدين قضى الدين منها وعتق المدبر من الثلث وان لم يكن
(٢١)