المستودع قبل قوله مع اليمين لأنه ادعى الرد على من أئتمنه ان قلنا بتقديم قول المستودع في الرد ولو عاد المستودع الأول من سفره فهل له استعادتها من الثاني فيه اشكال ينشأ من أنه المستودع بالأصالة ومن انه بري من الحفظ المأمور به ولا ريب في أن للمستودع الاسترداد من الغاصب ولو كان المالك قد عين أمينا فقال للمستودع إذا سافرت فاجعل الوديعة عند فلان ففعل ثم ادعى فلان الرد على المالك صدق باليمين ان قدمنا قول المستودع فيه لأنه ادعى على من أئتمنه وان ادعى الرد على المستودع الأول لم يقبل الا بالبينة مسألة إذا مات المالك وجب على المستودع رد الوديعة إلى ورثته لانتقال ملكها إليهم فان اخر مع التمكن من الرد إليهم كان ضامنا وهو أصح وجهي الشافعية ولو لم يجد الوارث دفعها إلى الحاكم لأنه ولي الغايب ولا فرق بين ان يعلم الورثة بالوديعة أو لا وقال بعض الشافعية انما يجب عليه الدفع إلى الورثة أو إلى الحاكم لو لم يعلموا بالوديعة إما إذا علموا بها فلا يجب الدفع الا بعد الطلب ولا بأس به ولو طالبه الوارث فقال رددت الوديعة إلى المالك أو تلفت في يدي حال حياته قدم قوله مع اليمين إما لو قال رددتها عليك فأنكر الوارث قدم قول الوارث مع اليمين قطعا لأنه ادعى الرد على من لم يأتمنه وللشافعية وجهان هذا أحدهما والثاني ان القول قول المستودع لأصالة براءة الذمة (ذمته) مسألة لو مات المستودع وجب على وارثه رد الوديعة إلى مالكها فلو اخر الدفع بعد التمكن من الرد فتلفت في يده ضمن وهو أصح وجهي الشافعية والثاني لا يضمن لأنه لم يطلب منه ولو كان المالك غائبا سلمها الوارث إلى الحاكم فان اختلفا فادعى وارث المستودع رد مورثه على المالك أو قال تلفت في يده فالأقرب تقديم قوله مع اليمين لأصالة براءة ذمته وعدم حصولها في يده وللشافعية وجهان هذا أصحهما والثاني انه يطالب بالبينة لان المالك لم يأتمنه حتى يصدقه وهو غلط لأن الضمان يترتب على الاستيلاء ولم يثبت إما لو قال انا رددت عليك وأنكر المالك فان القول قول المالك ولو قال تلفت في يدي قبل التمكن احتمل تقديم قوله لأنه امين وجرى مجرى الثوب تطيره الريح إلى داره وتقديم قول المالك لقوله (ع) على اليد ما أخذت حتى تودي ولو قال من طير الريح الثوب إلى داره رددت على المالك أو قال الملتقط رددت على المالك لم يصدقا الا بالبينة مسألة لو كان في يد رجل مال فادعى رجلان الايداع فقال كل واحد منهما ان هذا المال لي وديعة عندك فان كذبهما معا فالقول قوله مع اليمين فيحلف لكل واحد منهما ويسقط دعواهما ويحلف لكل واحد منهما انها له وملكه أو انه لا يلزمه تسليمه إليه ولو أقر به لأحدهما بعينه حكم بها للمقر له ودفع إليه ويحلف للاخر فإذا حلف سقطت دعوى الأخر وان نكل حلف الأخر وكان له الزامه بالمثل إن كان مثليا والا فالقيمة وقت الحلف أو الاقرار اشكال وللشافعية في احلاف الأخر قولان مبنيان على أن من أقر بعين في يده لزيد ثم أقر بها لعمرو هل يغرم لعمرو أو لا فان قلنا يغرم حلف وان قلنا لا يغرم فلا وجه لإحلافه لعدم الفايدة وعلى القول بالاحلاف للاخر للشافعية قولان في يمين المدعى مع نكول المدعى عليه أحدهما ان ذلك يجري مجرى البينة والثاني انه يجرى مجرى الاقرار فخرج أبو العباس ابن شريح من الشافعية في هذا الموضع ثلاثة أوجه أحدها انه يوقف المدعى بينهما إلى أن يصطلحا لان الاقرار للأول قد تقدم وقد حصل هنا ما هو أقوى من الاقرار فاستويا والثاني انه يقسم بينهما كما لو أقر لهما والثالث وهو المذهب المشهور عندهم انه يغرم للثاني كما لو اعترف له بعد الاقرار الأول وقال بعض الشافعية بعبارة أخرى إذا أقر لأحدهما فهل للاخر دعوى القيمة يبنى على الخلاف في الغرم ولو أقر للثاني ان قلنا يغرم فنعم وان قلنا لا فيبنى على أن اليمين بعد النكول كالاقرار أو كالبينة ان قلنا كالاقرار لم يدع القيمة وان قلنا كالبينة فله دعواها فان حلف برئ وان نكل حلف المدعي وأخذها ولا ينزع العين من الأول لأنها وإن كانت كالبينة فليست كالبينة في حق غير المتداعيين وان قال هو لكما دفع إليهما معا ويكون بمنزلة مال في يد شخصين يتداعيانه فان حلف أحدهما قضى له بها ولا خصومة للاخر مع المستودع لنكوله وان نكلا جعل بينهما وكذا لو حلفا ويكون حكم كل واحد منهما في النصف كالحكم في الكل في حق غير المقر له وقد تقدم مسألة لو قال المالك لأحدكما وقد نسيت عينه فان قلنا إن المستودع يضمن بالنسيان فهو ضامن وان لم نضمنه بالنسيان نظر فان صدقاه في النسيان فلا خصومة لهما معه بل الخصومة بينهما فان اصطلحا على شئ فذاك والا جعل المال كأنه في أيديهما يتداعيانه لان صاحب اليد يقول إن اليد لأحدهما وليس أحدهما أولي من الأخر ولبعض الشافعية وجه آخر انه كمال في يد ثالث تداعاه اثنان لأنه لم يثبت لأحدهما يد عليه فان قلنا بالأول فان أقام كل منهما بينة أو حلفا أو نكلا فهو بينهما وان أقام أحدهما البينة أو حلف ونكل صاحبه قضى له وان قلنا بالثاني لو أقام كل منهما بينة فعلى الخلاف في تعارض البينتين وان نكلا أو حلفا وقف المال بينهما وسواء قلنا بالوجه الأول أو الثاني فان المال يترك في يد المدعى إليه إلى أن تنفصل الحكومة بينهما على أحد قولي الشافعية لأنه لا بد من وضعه عند امين وهذا امين لم يظهر منه خيانة والثاني انه تنزع منه لان مطالبتها بالرد يتضمن عزله وهذان القولان للشافعية فيما إذا طالب أحدهما الانتزاع والاخر الترك فاما ان اتفقا على أحد الامرين فان الحاكم يتبع رأيهما ويمكن ان يكون هذا مبنيا على أنه يجعل المال كأنه في يدهما والا فيتبع الحاكم رأيه هذا إذا صدقاه في النسيان وان كذباه فيه وادعى كل واحد منهما علمه بأنه المالك وقالا انك تعلم لمن الوديعة منا فالقول قول المستودع مع يمينه ويحلف لأنه لو أقر بها لأحدهما كانت له فإذا ادعى عليه العلم سمعت دعواه ويحلف فان حلف كفاه يمين واحدة على نفي العلم وبه قال الشافعي لان المدعى شئ واحد وهو علمه بعين المال فكفاه يمين واحدة وقال أبو حنيفة يحلف يمينين لكل واحد منهما يمينا كما لو أنكر انهما لهما والفرق انه إذا انكرهما فقد أنكر دعويين لان كل واحد منهما يدعى عليه انها له فهنا دعويان فإذا حلف كان كأنهما صدقاه وهل للحاكم تحليفه على نفي العلم إذا لم يدعه الخصمان للشافعية وجهان ثم إذا حلف المدعى عليه فالحكم كما لو صدقاه في النسيان من أنه يقر في يده لأنه لا فايدة في نقله فإنه مستودع ولم يظهر منه خيانة أو ينقل عنه لأنه قد اعترف بأنه لا حق له فيها فينقل عنه وقال بعضهم انه ينزع المال منه هنا وان لم ينزع هناك لأنه خائن عندهما بدعوى النسيان وان نكل عن اليمين ردت اليمين عليهما فان نكلا فاما ان نقول يقسم المال بينهما أو يوقف حتى يصطلحا على الخلاف وان حلف أحدهما ونكل الآخر قضى بها للحالف وان حلفا فللشافعية قولان أحدهما انه يقسم بينهما لأنه في أيديهما وهو الأصح عند الشافعية كما لو أقر بها لهما والثاني يوقف حتى يصطلحا وبه قال ابن أبي ليلى لأنه لا يعلم المالك منهما وعلى القول بالقسمة فان المستودع يغرم القيمة ويقسم بينهما أيضا لان كل واحد منهما أثبت بيمين الرد جميع العين ولم يحصل له سوى نصفها هذا أشهر ما قاله الشافعية فيما إذا نكل المستودع ولهم وجه اخر انه لا يغرم القيمة مع العين إذا حلفا ولهم وجه اخر ان المستودع إذا نكل لا ترد اليمين عليهما بل يوقف بناء على أنهما لو حلفا يوقف المال بينهما فلا معنى لعرض اليمين وان قلنا برد اليمين فالأقرب ان الحاكم يقدم من رأى تقديمه منهما في الحلف ويحتمل القرعة بينهما وإذا حلفا وقسمت العين بينهما أو القيمة فإن لم ينازع أحدهما الأخر فلا بحث وان نازع وأقام البينة على أن جميع العين له سلمت إليه وردت القيمة على المستودع وان لم يكن بينة ونكل صاحبه عن اليمين فحلف واستحق العين فيرد نصف القيمة إلى الذي اخذه لأنه عاد إليه البدل والناكل لا يرد ما أخذ لأنه استحقه بيمينه على المستودع ولم يعد إليه البدل
(٢٠٧)