كحد الزنا وكونه حقا للآدمي فيسقط كالقصاص ولو صالح عن حق الشفعة جاز عندنا لأنه حق تعلق بالمال فجاز الاعتياض عنه به كغيره من الحقوق المالية ومنع منه الحنابلة لان الشفعة حق شرع على خلاف الأصل لدفع ضرر الشركة فإذا رضي بالتزام الضرر سقط الحق من غير بدل وهو ممنوع مسألة لا يجوز ان يحفر في الطرق النافذة بئرا لنفسه سواء جعلها لماء المطر أو يستخرج منها ماء ينتفع به ولا غير ذلك ولو أراد حفرها للمسلمين ونفعهم أو لينتفع بها الطريق بان يحفرها ليستقي الناس من مائها ويشرب منه المارة أو لينزل فيها ماء المطر عن الطريق فان تضرر بها المسلمون أو كان الدرب ضيقا أو يحفرها في ممر الناس بحيث يخاف سقوط انسان فيها أو دابة أو يضيق عليهم ممرهم لم يجز ذلك لان ضررها أكثر من نفعها وان حفرها في زاوية من طريق واسع وجعل عليها ما يمنع الوقوع فيها فالأقرب الجواز لأنه نفع لا ضرر فيه لكن مع الضمان وإن كان الدرب غير نافذ لم يجز شئ من ذلك مطلقا الا بإذن أربابه لأنه ملك لقوم معنيين فلا يجوز فعله الا باذنهم كما لو فعله في بستان غيره ولو صالح أهل الدرب على ذلك جاز سواء حفرها لنفسه أو لينزل فيها ماء المطر عن داره أو ليستقي منها ماء لنفسه أو حفرها للسبيل ونفع الطريق وكذا ان فعل ذلك في ملك انسان معين مسألة قد بينا انه يجوز اخراج الميازيب في الطرق النافذة إذا لم يمنع منه أحد يتضرر به وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي لان عمر بن الخطاب اجتاز إلى (على) دار العباس وقد نصب ميزابا إلى الطريق فقلعه فقال العباس تقلعه وقد نصبه رسول الله صلى الله عليه وآله بيده وما فعله النبي صلى الله عليه وآله جاز لغيره فعله عملا بالتأسي ما لم يقم دليل على اختصاصه ولان الحاجة تدعو إلى ذلك ولا يمكنه رد مائه إلى داره وقال احمد لا يجوز لأنه تصرف في هواء مشترك بينه وبين غيره بغير اذنه فلم يجز كغير النافذ وعدم الإذن ممنوع بوضع عامة الناس في الأمصار بأسرها على استمرار الدهور مسألة قد بينا انه لا يجوز وضع الجذوع على حايط الجار الا باذنه وبينا الخلاف وكذا في جدار المسجد وعن أحمد روايتان إحديهما الجواز لأنه إذا جاز في ملك الجار مع أن حايطه مبني على الشح والتضييق ففي حق الله تعالى المبني على المسامحة والمساهلة أولي وكلتا المقدمتين ممنوع فرع على قول احمد إذا كان له وضع خشب على جدار غيره لم يملك اعارته ولا اجارته لأنه انما كان له ذلك لحاجته الماسة إلى وضع خشبه ولا حاجة له إلى وضع خشبة غيره فلم يملكه وكذلك لا يملك بيع حق من وضع خشبه ولا المصالحة عنه للمالك ولا لغيره لأنه أبيح له لحاجته إليه فلا يجوز التخطية كطعام غيره إذا أبيح له للضرورة لم يملك إباحة غيره ولو تنازعا مسناة بين نهر أحدهما وارض الأخر أو بين أرضيهما أو نهريهما تحالفا وكانت بينهما لأنها حاجز بين ملكيهما كالحايط بين الملكين مسألة لو كان السفل لرجل والعلو لاخر فانهدم السقف الذي بينهما لم يجبر أحدهما على عمارته لو امتنع وللشافعي قولان وعن أحمد روايتان للأصل ولو انهدمت حيطان السفل وأراد صاحب العلو بناءه لم يمنع من ذلك توصلا إلى تحصيل ملكه فان بناه بآلته فهو على ما كان وان بناه بآلة من عنده لم يكن له منع صاحب السفل من السكنى وبه قال الشافعي لان ملكه لم يخرج عن السفل والسكنى انما هي اقامته في فناء الحيطان من غير تصرف فيها فأشبه الاستظلال بها من خارج ومنع أبو حنيفة من السكنى لان البيت انما يبنى للسكنى فلم يملكه كغيره وليس بشئ إذ لا يمنع من التصرف في ملكه المختص به وعن أحمد روايتان مسألة لو كان الحائط بينهما نصفين فاتفقا على بنائه أثلاثا أو بالعكس جاز كما لو تبرع أحدهما ببنائه ومنع الحنابلة من تساويهما في البناء لو اختلفا في الاستحقاق لأنه صالح على بعض ملكه ببعضه فلم يصح كما لو أقر له بدار فصالحه على سكناها والملازمة ممنوعة وكذا الحكم في الأصل ممنوع ولو اتفقا على أن يحمله كل واحد منهما ما شاء لم يجز لجهالة الحمل وانه يحمله من الأثقال ما لا طاقة له بحمله مسألة لو كان سطح أحدهما أعلى من سطح الأخر لم يمنع صاحب الاعلى من الصعود على سطحه ولا يحل له الاشراف على سطح جاره وقال احمد ليس لصاحب العلو الصعود على سطحه على وجه يشرف على سطح جاره الا ان يبنى سترة تستره ومذهبنا انه لا يجب بناء السترة وبه قال الشافعي لأنه حاجز بين ملكيهما فلا يجبر عليه كالأسفل احتج احمد بأنه يحرم عليه الاطلاع والاشراف على جاره لان النبي صلى الله عليه وآله قال لو أن رجلا اطلع عليك فخذفته؟ بحصاة ففقأت عينه لم يكن عليك جناح ونحن نقول بموجبه فان الاطلاع حرام عندنا إما العلو بالسطح فلا مسألة لو تنازع اثنان جملا فإن كان لأحدهما عليه حمل كان صاحب الحمل أولي وبه قال الشافعي وان لم يحكم بالجدار لصاحب الجذوع التي عليه وفرق بان الحايط ينتفع به كل واحد منهما وإن كان صاحب الجذوع أكثر منفعة واما الجمل فالانتفاع لصاحب الحمل دون الأخر وهذا الفرق ليس بشئ بل انتفاع صاحب الجذوع بالجدار أدوم ولو تنازعا عبدا ولأحدهما عليه ثوب لابسه تساويا فيه بخلاف الجمل لان صاحب الثوب لا ينتفع بلبس العبد له بخلاف الجمل ولان الجمل لا يجوز ان يجعله (يحمله) على الجمل الا بحق ويجوز ان يجبر العبد على لبس قميص غير مالكه إذا كان عريانا وبذله فافترقا مسألة لو كان في يد شخصين درهمان فادعاهما أحدهما وادعى الأخر واحدا منهما أعطي مدعيهما معا درهما وكان الدرهم الأخر بينهما نصفين لان مدعي أحدهما غير منازع في الدرهم الأخر فنحكم به لمدعيهما وقد تساويا في دعوى أحدهما يدا ودعوى فيحكم به لهما هذا إذا لم توجد بينة والأقرب انه لا بد من اليمين فيحلف كل واحد منهما على استحقاق نصف الأخر الذي تصادمت دعواهما فيه فمن نكل منهما قضى به للاخر ولو نكلا معا أو حلفا معا قسم بينهما نصفين لما رواه عبد الله بن المغيرة عن غير واحد من أصحابنا عن الصادق (ع) في رجلين كان معهما درهمان فقال أحدهما الدرهمان لي وقال الآخر هما بيني وبينك قال فقال الصادق (ع) انما أحد الدرهمين ليس له فيه شئ وانه لصاحبه ويقسم الدرهم الباقي بينهما نصفين مسألة لو أودع رجل عند آخر دينارين وأودعه اخر دينارا وامتزجا ثم ضاع دينار منهما فإن كان بغير تفريط منه في الحفظ ولا في المزج بان اذنا له في المزج أو حصل المزج بغير فعله ولا اختياره فلا ضمان عليه لأصالة البراءة ولو فرط ضمن التالف هذا بالنظر إلى المستودع واما المال الباقي فإنه يعطى صاحب الدينارين دينارا لان خصمه يسلم له انه لا يستحق منه شيئا ويبقى الدينار الأخر يتصادم دعواهما فيه فيقسم بينهما نصفين لما رواه السكوني عن الصادق عن ابائه عليهم السلام في رجل استودع رجلا دينارين واستودعه اخر دينارا فضاع دينار منهما فقال يعطى صاحب الدينارين دينارا ويقتسمان الدينار الباقي بينهما نصفين ولو كان ذلك في متساوي الأجزاء الممتزج مزجا يرفع الامتياز كما لو استودعه أحدهما قفيزين من حنطة أو شعير أو دخن وشبهه واستودعه الأخر قفيزا مثلها ثم امتزج المالان وتلف قفيز من الممتزج فان الأقوى هنا ان يقسم المال التالف بينهما على نسبة المالين فيكون لصاحب القفيزين قفيز وثلث قفيز ولصاحب القفيز ثلثا قفيز والفرق ظاهر لان عين أحد الدينارين غير مستحق لصاحب الدينار مسألة لو اشترى العامل في البضاعة ثوبا بثلثين درهما واشترى من مال المباضع الآخر ثوبا بعشرين درهما ثم
(١٩٥)