الشافعية ومنع منه بعض الشافعية والحنابلة لأنه إذا لم يجز بلفظ الصلح خرج عن أن يكون صلحا ولا يبقى له تعلق به فلا يسمى صلحا واما إذا كان بلفظ الصلح سمى صلحا لوجود اللفظ ولم يختلف المعنى كالهبة بشرط الثواب وانما يقتضي لفظ الصلح المعاوضة إذا كان هناك عوض إما مع عدمه فلا وانما معنى الصلح والرضاء والاتفاق وقد يحصل من غير عوض كالتمليك إذا كان بعوض سمى بيعا وان خلا عن العوض سمى هبة ولو ادعى على رجل بيتا فصالحه على بعضه أو على بناء غرفة فوقه أو على أن يسكنه سنة صح عندنا خلافا للحنابلة للأصل احتجوا بأنه يصالحه عن ملكه ببعضه أو منفعته ونمنع عدم جوازه ولو صالحه بخدمة عبده سنة صح عندنا وعندهم فان باع العبد في السنة صح البيع ويكون المشتري مسلوب المنفعة بقية السنة وللمصالح منفعته إلى انقضاء السنة ولو لم يعلم المشتري بذلك كان له الفسخ لأنه عيب وان أعتق العبد في أثناء المدة صح العتق لأنه مملوكه يصح بيعه فيصح عتقه وللمصالح استيفاء منفعته في المدة لأنه أعتقه بعد ان ملك منفعته فأشبه ما لو أعتق الأمة المزوجة بحر ولا يرجع العبد على سيده بشئ لأنه ما زال ملكه بالعتق الا عن الرقبة فالمنافع حينئذ مملوكة لغيره فلم يتلف منافعه بالعتق فلا يرجع بشئ ولو أعتق مسلوب المنفعة كمقطوع اليدين أو الأمة المزوجة لم يرجع عليه بشئ وقال الشافعي يرجع على سيده بأجرة مثله لان العتق اقتضى إزالة ملكه عن الرقبة والمنفعة جميعا فلما لم تحصل المنفعة للعبد هنا فكأنه حال بينه وبين منفعته ونمنع اقتضاء العتق زوال الملك عن المنفعة لان اقتضاه انما يكون لو كانت المنفعة مملوكة له إما كانت مملوكة لغيره فلا يقتضي اعتاقه إزالة ما ليس بموجود ولو ظهر ان العبد مستحق تبين بطلان الصلح لفساد العوض ويرجع المدعي فيما أقر له به ولو ظهر عيب في العبد تنقص به القيمة المنفعة فله رده وفسخ الصلح مسألة إذا ادعى زرعا في يد رجل فاقر له به ثم صالحه منه على الوجه الذي يجوز بيع الزرع فيه صح وكذا لو صالحه على غير الوجه الذي يصح بيعه لان الصلح عقد مستقل بنفسه غير فرع على البيع ولو كان الزرع في يد رجلين فاقر له أحدهما ثم صالحه عليه قبل اشتداد الحب جاز (صح) عندنا خلافا للشافعي لأنه ان صالحه عليه بشرط التبقية أو من غير شرط القطع لم يجز ولأنه لا يجوز بيعه كذلك وقد قلنا إن الصلح عقد قايم برأسه فلا يشترط فيه ما يشترط في البيع وغيره ولو شرط القطع لم يجز لأنه لا يمكنه قطع زرع الأخر وقسمته لا تصح ولو كان الزرع لواحد فاقر به للمدعي وصالحه عليه فان شرط القطع صح الصلح عندنا وعند الشافعي وان شرط التبقية صح الصلح عندنا خلافا له ولو كانت الأرض للمصالح كان له تبقية الزرع في ارضه ولو اطلق صح عندنا وقال الشافعي إن كان المشتري لا يملك الأرض لم يصح وإن كان يملك الأرض فوجهان كما إذا باع التمرة من صاحب النخل بغير شرط القطع مسألة لو ادعى رجل على غيره زرعا في ارضه فاقر له بنصفه أو أنكر عندنا ثم صالحه من نصفه على نصف الأرض جاز عندنا عملا بالأصل وقال الشافعي لا يجوز لان من شرط بيع الزرع قطعة ولا يمكن ذلك في المشاع ونحن نمنع من الاشتراط الذي ذكره وقد سبق ولو صالحه منه على جميع الأرض بشرط القطع على أن يسلم إليه الأرض فارغة صح لان قطع جميع الزرع ثابت نصفه بحكم الصلح والباقي لتفريع الأرض فأمكن القطع وأشبه من اشترى أرضا وفيها زرع وشرط تفريغ الأرض فإنه يجوز كذا هنا وإن كان أقر له بجميع الزرع وصالحه من نصفه على نصف الأرض ليكون الأرض والزرع بينهما نصفين وشرط القطع فإن كان الزرع في الأرض بغير حق جاز الشرط لان الزرع يجب قطعه بأجمعه وإن كان في الأرض بحق جاز أيضا عملا بالشرط وقد قال (ع) المؤمنون عند شروطهم ولأنهما قد شرطا قطع كل الزرع وتسليم الأرض فارغة وهو أحد قولي الشافعية والثاني لا يجوز الشرط لأنه لا يمكن قطع الجميع بخلاف ما إذا شرط على بايع الزرع قطع الباقي لان باقي الزرع ليس بمبيع فلا يصح شرط قطعه في العقد ويخالف ما إذا أقر بنصف الزرع وصالحه على جميع الأرض لأنه شرط تفريع المبيع والحق الجواز لما تقدم ولا يختص شرط القطع بالبيع مسألة قد بينا انه إذا خرجت أغصان الشجرة إلى ملك الجار كان للجار عطفها وازالتها عن ملكه فان أمكن ذلك بغير اتلاف ولا قطع من غير مشقة تلزمه ولا غرامة لم يجز اتلافها كما إذا امكنه اخراج دابة؟ الغير من ملكه بغير اتلاف فان أتلفها والحال هذه وان لم يمكن ازالتها الا بالاتلاف كان له ذلك ولا شئ عليه لأنه لا يلزمه اقرار مال غيره في ملكه فان صالحه على اقرارها بعوض معلوم صح وللشافعية والحنابلة قولان ولا فرق بين ان يكون الغصن رطبا أو يابسا لان الجهالة في المصالح عنه لا يمنع الصحة لكونها لا تمنع التسليم بخلاف العوض فإنه يفتقر إلى العلم لوجوب تسليمه ولان الحاجة تدعو إلى الصلح عنه لكون ذلك في الاملاك المتجاورة وفي القطع اتلاف وضرر والزيادة المتجددة يعفى عنها كالسمن الحادث في المستأجر للركوب والمستأجر للغرفة يتجدد له الأولاد وعند احمد يصح الصلح في الرطب وان زاد أو نقص لان الجهالة في المصالح عنه لا نمنع الصحة إذا لم يكن إلى العلم به سبيل لدعاء الحاجة إليه وكونه لا يحتاج إلى تسليمه ولو صالحه على اقرارها بجزء معلوم من ثمرها أو كله لم يجز وبه قال الشافعية وأكثر العامة وعن أحمد روايتان لان العوض مجهول والثمرة مجهولة وجزؤها مجهول ومن شرط الصلح العلم بالعوض والمصالح عليه أيضا مجهول لتغيره بالزيادة والنقصان كما تقدم واحتج احمد بأنه قد تدعو الحاجة إليه وقد عرفت بطلان التعليل بالحاجة نعم لو أباح كل منهما لصاحبه حقه جاز من غير لزوم بل لكل منهما الرجوع فيستبيح صاحب الشجرة إباحة الوضع على الجدار أو الهواء ويستبيح صاحب الدار ثمرة الشجرة كما لو قال كل منهما لصاحبه أسكن داري واسكن دارك من غير تقدير مدة ولا ذكر شروط الإجارة وكذا حكم العروق إذا سرت إلى ارض الجار سواء اثرت ضررا كما في المصانع وطى الأبار وأساسات الحيطان أو منع من نبات شجر لصاحب الأرض أو زرع أولم يؤثر ضررا فان الحكم في قطعه والصلح عليه كالحكم في الزرع الا ان العروق لا ثمر لها وكذا لو زلق من أخشابه إلى غيره فالحكم ما سبق مسألة قد بينا انه يصح ان يصالحه عن المؤجل ببعضه حالا وبه قال ابن عباس والنخعي وابن سيرين والحسن البصري لان التعجيل جايز والاسقاط وحده جايز فجاز الجمع بينهما كما لو فعل ذلك من غير مواطاة عليه وكرهه زيد بن ثابت وابن عمر وسعيد بن المسيب والقسم وسالم والشعبي ومنه أيضا مالك واحمد والشافعي والثوري وابن عيينة وهثيم وأبو حنيفة وإسحاق وقد تقدم مسألة قد بينا انه يصح الصلح عن المجهول دينا كان أو عينا خلافا للشافعي حيث قال لا يصح لأنه بيع فلا يصح على المجهول ونمنع كونه بيعا وكونه فرع بيع وانما هو ابراء ولو سلمنا كونه بيعا فإنه يصح في المجهول عند الحاجة كأساسات الحيطان وطي الأبار ولو أتلف رجل صبرة طعام لا يعلم قدرها فقال صاحب الطعام لمتلفها بعتك الطعام الذي في ذمتك بهذا الدرهم أو بهذا الثوب لم يصح عندنا لان شرط البيع معلومية العوضين وقال احمد يصح وعلى قولنا وقوله لو صالحه به عليه صح لان الجهل لا ينافي الصلح وإذا كان العوض في الصلح مما لا يحتاج إلى تسليمه ولا سبيل إلى معرفته كالمواريث الدارسة والحقوق التالفة والأراضي والأموال التي لا يعلمها أحد من المتخاصمين ولا يعرف قدر حقه منها فان الصلح فيها جايز عندنا وعند احمد مع
(١٩٣)