على شخص فعندنا هذا الضمان لا فائدة تحته بل الدين كما كان عليهما قبل الضمان ومن جوزه قال يبريان معا ولو أحال زيد على أحدهما بالمائة برئ الثاني لان الحوالة كالقبض وان أحال زيد عليهما على أن يأخذ المحتال المائة من أيهما شاء فيه للشافعية وجهان المنع لأنه لم يكن له الا مطالبة واحد فلا يستفيد بالحوالة زيادة كما لا يفيد زيادة قدر وصفة والجواز للأصل ولا اعتبار بهذا الارتفاق كما لو أحاله على من هو أملا منه وأشد وفاء مسألة قد بينا انه يشترط ملاءة المحال عليه أو علم المحتل بالاعسار في لزوم الحوالة فلو بان معسرا كان له الرجوع على الأصيل سواء شرط الملاءة أو لا ومع هذا لو شرط كان له الرجوع لو بان معسرا خلافا لأكثر الشافعية لان الحوالة عندهم لا ترد بالاعسار إذا لم يشترط فلا ترد به وان شرط ولو لم يرض المحتال بالحوالة ثم بان اعسار المحال عليه أو موته رجع المحتال على المحيل بلا خلاف فإنه لا يلزمه الاحتيال على المعسر لما فيه من الضرر وانما أمر النبي صلى الله عليه وآله بقبول الحوالة إذا أحيل على ملي ولو احاله على ملي فلم يقبل حتى أعسر فله الرجوع على قول بعض من أوجب قبول الحوالة على الملي مسألة لو كان لزيد على عمرو ألف درهم ولخالد على زيد مثلها فجاء خالد إلى عمرو وقال قد أحالني زيد بالألف التي له عليك فان كذبه فأقام خالد البينة بدعواه ثبت في حقه وحق زيد ولزمه الدفع إلى المحتال وان لم يكن له بينة فأنكر فالقول قوله مع اليمين فإذ حلف سقطت دعواه ولم يكن لخالد الرجوع على زيد لأنه أقر انه برئ من دينه بالحوالة ثم ننظر في زيد فان كذب خالدا كان له مطالبة عمرو بدينه وان صدق خالدا برئ عمرو من دينه وقال بعض الشافعية ليس من شرط الحوالة رضي المحال عليه عنده فحينئذ يثبت الحوالة بتصديقه المحتال ويكون له المطالبة واما ان صدق عمرو خالدا وجب عليه دفع المال إليه لاعترافه باستحقاقه عليه ثم ننظر في زيد فان صدقه فلا كلام وان كذبه كان القول قوله مع يمينه فإذا حلف رجع على عمرو بالألف ولا يرجع خالد عليه بشئ لأنه قد استوفى حقه بالحوالة باقراره له ان يستوفي ذلك من عمرو لتصادقهما على ذلك إذا عرفت هذا فإذا ادعى ان فلانا الغائب أحاله عليه فأنكر ولا بينة حلف المنكر وقال بعض العامة لا تلزمه اليمين بناء على أنه لا يلزمه الدفع إليه لأنه لا يأمن انكار المحيل ورجوعه عليه فكان له الاحتياط لنفسه كما لو ادعى عليه اني وكيل فلان في قبض دينه منك فصدقه وقال لا ادفعه إليك مسألة لو كان عليه الف ضمنه رجل فأحال الضامن صاحب الدين برئت ذمته وذمة المضمون عنه لان الحوالة كالتسليم ويكون الحكم هنا كالحكم فيما لو قضى عنه الدين وإن كان لرجل دين اخر على اخر فطالبه به فقال قد أحلت به على فلان الغايب وأنكر صاحب الدين فالقول قوله مع اليمين وإن كان لمن عليه الدين بينة بدعواه سمعت بينته لاسقاط حق المحيل عليه مسألة إذا كان له على رجل دين فأحاله به اخر ثم قضاه المحيل صح القضاء كما إذا قضى الانسان دين غيره عنه ثم إن كان المحال عليه قد سأله القضاء عنه كان له الرجوع عليه بما أداه إلى المحتال وان لم يكن قد سأله ذلك بل قضاه متبرعا به لم يكن له الرجوع عليه وبه قال الشافعي لأنه قضى عنه دينه بغير اذنه والمتبرع لا يرجع على أحد وقال أبو حنيفة وأصحابه لا يكون متبرعا بذلك ويكون له الرجوع به لان الدين باق في ذمة المحيل من طريق الحكم وان برئ في الظاهر لأنه يرجع عليه عند تعذره وهو غلط لأنه لا يملك ابطال الحوالة واسقاط حقه عن المحيل فما يدفعه يكون متبرعا إذا كان بغير اذن من عليه كالأجنبي وما ذكروه فهو ممنوع وليس بصحيح أيضا لأنه لو كان الحق باقيا في ذمته حكما لملك مطالبته كالمضمون عنه وإذا أحاله على من لا دين عليه وقلنا بصحة الحوالة إذا رضي المحال عليه يكون للمحتال مطالبة المحال عليه فإذا طالبه كان له مطالبة المحيل بتخليصه كالضامن يطالب المضمون عنه بتخليصه فان دفع بإذن المحيل رجع وان دفع بغير اذنه احتمل الرجوع لان الحوالة تقتضي التسليط فإذا سلطه عليه بالمطالبة كان ضامنا لما يغرمه ولأنه يكون في الحقيقة ضمانا بسؤاله ويحتمل عدمه لأنه متبرع فان ادعى المحيل انه كان لي عليك ما أحلت به عليك وأنكر المحال عليه ذلك قدم قوله مع اليمين لأصالة عدم ذلك ولو ضمن رجل عن رجل ألف درهم وأحال الضامن المضمون له على رجل له عليه الف بالألف وقبل الحوالة برئ الضامن والمضمون عنه كما قررناه أولا ورجع الضامن على المضمون عنه إن كان ضمن باذنه سواء أدي باذنه أو لا عندنا وعند الشافعي إذا أدى بغير إذنه وجهان وسواء قبض المحتال الحوالة أو أبرئ المحال عليه لان الضامن قد غرم والابراء قد حصل للمحال عليه فلا يسقط رجوع الضامن فأما إذا أحاله على من ليس له عليه شئ فان قلنا لا تصح الحوالة فالمال باق على الضامن بحاله وان قلنا تصح فقد برئت ذمة الضامن والمضمون عنه ولكن لا يرجع على المضمون عنه بشئ في الحال لأنه لم يغرم شيئا فان قبض المحتال الحوالة ورجع المحال عليه على الضامن رجع على المضمون عنه وان أبرأه من الحوالة لم يرجع على المحيل ولم يرجع الضامن على المضمون عنه لأنه لم يغرم شيئا واما ان قبضه منه ووهبه فهل يرجع على المحيل وجهان إذا وهبت المرأة الصداق ثم طلقها فقال أبو حنيفة وأصحابه يرجع عليه وهب له أو تصدق به أو ورثه من المحتال ووافقنا في الابراء انه لا يرجع وعندنا ان هبة قبل القبض بمنزلة الابراء وعندهم لا يكون بمنزلته ويثبت له الرجوع لأنه يملك ما في ذمته بالهبة والصدقة والميراث فكان له الرجوع كالأداء فإنه يملك ما في ذمته بالأداء بخلاف الابراء لأنه اسقاط حق وهو غلط لأنه لم يغرم عنه شيئا فلم يرجع عليه كالابراء وقولهم إنه يملك ما في ذمته غلط لان الانسان لا يملك في ذمته شيئا وانما يسقط عن ذمته بوجود سبب الملك فصار كالابراء مسألة لو كان لرجل على رجلين ألف درهم فادعى عليهما انهما أحالاه على رجل لهما عليه ألف درهم فانكرا ذلك فالقول قولهما مع ايمانهما فان حلفا سقطت دعواه وان شهد له ابناه سمعت عندنا خلافا للشافعي وان شهد عليهما لبناهما لم تسمع عندنا خلافا للشافعي ولو انعكس الفرض فادعيا عليه انما أحالاه وأنكر فالقول قوله مع يمينه فان شهد عليه ابناه لم يقبل عندنا خلافا للشافعي وان شهد ابناهما قبل عندنا خلافا للشافعي وهل يقبل شهادة ابن كل واحد منهما للاخر للشافعي قولان بناء على أن الشهادة إذا ردت للتهمة في بعضها وهل ترد في الباقي ولو ادعى المديون عند مطالبه صاحب الدين ان صاحب الدين أحال الغايب عليه فأنكر صاحب الدين فأقام المدعي بينة سمعت لاسقاط حق المحيل عنه ولا يثبت بها الحق للغايب قاله بعض الشافعية لان الغايب لا يقضي له بالبينة فإذا قدم للغايب ودعى ذلك وأنكر صاحب الدين انه أحاله احتاج إلى إعادة البينة ليثبت له وفيه نظر لان المطالبة انما تسقط بالبينة عن المحال عليه فإذا قدم الغايب وادعى فإنما يدعي على المحال عليه دون المحيل وهو يقر له بذلك فلا حاجة به إلى إقامة البينة الا ترى ان المحال عليه لو دفع إليه لم يكن لصاحب الدين مطالبته بشئ لان حق المطالبة قد سقط عنه بالبينة ولو ادعى رجل على رجل انه احاله عليه فلان الغايب وأنكر المدعى عليه فان القول قوله مع اليمين فان أقام المدعي البينة ثبت في حقه وحق الغايب لان البينة يقضي بها على الغايب تذنيب لو قال صاحب الدين لمن لا دين عليه قد أحلتك بالدين الذي لي على فلان فاقبضه منه كان ذلك وكالة عبر عنها بلفظ الحوالة فلو مات المحيل بطلت لأنها وكالة وكان لورثة المحيل قبض المال وكذا لو جن كان للحاكم المطالبة بالمال مسألة الحوالة عند أبي حنيفة ضربان مطلقة بان يقول المحيل للمحتال أحلتك بالألف التي لك علي على فلان سواء كان له على فلان الف أو لم يكن وإذا قبل فلان الحوالة لزمت ويبرأ المحيل الا إذا مات المحال عليه مفلسا لم يدع مالا ولا كفيلا وإذا جحد المحال عليه الحوالة ولا بينة فيحلف فيرجع على المحيل في هاتين الصورتين ومقيدة بان يقول المحيل أحلتك على فلان بالألف التي لك علي على أن يؤديها من الوديعة التي لي عنده أو من المال الذي لي عليه وإذا قبل فلان برئ المحيل من دين المحتال فلو قال أحلتك بالألف التي لي على فلان
(١١٢)