مثل أن يقول وكلتك في كذا أو فوضته إليك وأنبتك وما أشبهه ولو قال وكلتني في كذا فقال نعم أو أشار بما يدل على التصديق كفى في الايجاب ولو قال بع واعتق ونحوهما حصل الاذن وهذا لا يكاد يسمى ايجابا بل هو أمر واذن وانما الايجاب قوله وكلتك أو استنبتك أو فوضت وما أشبهه وقوله أذنت لك في فعله ليس صريحا في الايجاب بل اذن في الفعل وقد وكل النبي صلى الله عليه وآله عروة بن الجعد البارقي في شراء شاة بلفظ الشراء وقال تعالى مخبرا عن أهل الكهف فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه ولأنه لفظ دل على الاذن فجرى مجرى قوله وكلتك مسألة لابد من القبول إما لفظا وهو كل ما يدل على الرضي بالفعل أو فعلا ويجوز القبول بقوله قبلت وما أشبهه من الألفاظ الدالة عليه وبكل فعل دل على القبول نحو أن يأمره بالبيع أو بالشراء فيشتري لان الذين وكلهم النبي صلى الله عليه وآله لم ينقل عنهم سوى امتثال امره ولأنه اذن في التصرف فجاز القبول فيه بالفعل كأكل الطعام والقبول يطلق على معنيين أحدهما الرضي والرغبة فيما فوضه إليه ونقيضه الرد والثاني اللفظ الدال عليه على النحو المعتبر في البيع وساير المعاملات ويعتبر في الوكالة القبول بالمعنى الأول حتى لو رد وقال لا اقبل أو لا افعل بطلت الوكالة ولو ندم وأراد ان يفعل أو يرجع بل لابد من استيناف اذن جديد مع علم الموكل لان الوكالة جايزة من الطرفين ترتفع في الالتزام بالفسخ فلان ترتد في الابتداء بالرد كان أولي واما بالمعنى الثاني وهو القبول اللفظي فالوجه عندنا انه لا يشترط لأنه إباحة ورفع حجر فأشبه إباحة الطعام لا يفتقر إلى القبول اللفظي وهو أحد وجهي الشافعية والثاني الاشتراط لأنه اثبات حق التسليط والتصرف للوكيل فليقبل لفظا كما في سائر المملكات ولهم طريق اخر ان الوجهين فيما إذا اتى بصيغة عقد بان قال وكلتك أو استنبتك أو فوضت إليك واما في صيغ الامر نحو بع أو اشتر فلا يشترط القبول لفظا جزما بل يكفي الامتثال على المعتاد كما في إباحة الطعام وقال بعض الشافعية ان قوله أذنت لك في كذا بمثابة قوله بع واعتق ولا بمثابة قوله وكلتك وإن كان أذنت على صيغ العقود إذا ثبت هذا فان الوكيل ان شاء قبل بلفظه وان شاء تصرف وكان ذلك قبولا منه لان الوكالة أمر له فيصير بالتصرف محصلا للامر بخلاف سائر العقود من البيع والإجارة والهبة والوصية فإنها تتضمن التمليك فافتقرت إلى القبول بالقول والتوكيل جار مجرى الوديعة والعارية لا يفتقر إلى القبول بالقول لان ذلك أمر وإباحة مسألة ويجوز عندنا القبول على الفور والتراخي نحو ان يبلغه ان رجلا وكله في بيع شئ منذ سنة فيبيعه أو يقول قبلت أو يأمره بفعل شئ فيفعله بعد مدة طويلة لان قبول وكلاء النبي صلى الله عليه وآله لوكالته كان بفعلهم وكان متراخيا عن توكيله إياهم ولأنه اذن في التصرف والاذن قائم ما لم يرجع عنه فأشبه الإباحة ولان الوكالة عقد يحتمل فيخ ضروب من الجهالة ويصح في الموجود والمفقود فيحتمل فيه تأخير القبول كالوصية وهو الظاهر من مذهب الشافعي وقال القاضي أبو حامد من أصحابه انه يجب ان يكون على الفور كالبيع وقال بعضهم يكتفي بوقوعه في المجلس هذا في القبول اللفظي فأما بالمعنى الأول الفعلي فلا يجب التعجيل عندنا وعنده بحال وان شرط القبول فلو وكله والوكيل لا يشعر به ففي ثبوت وكالته اشكال وللشافعية وجهان يقربان من القولين في أن العزل هل ينفذ قبل بلوغ خبره إلى الوكيل والوكالة أولى ان لا تثبت لأنها تسليط على التصرف ان لم نثبتها فهل نحكم بنفوذها حالة بلوغ الخبر كالعزل أم لا للشافعية وجهان قال بعضهم ان لم نحكم به فقد شرطنا اقتران علمه بالوكالة والأظهر ثبوت الوكالة وان لم يعلم فعلى هذا لو تصرف الوكيل وهو غير عالم بالتوكيل ثم ظهر الحال خرج على الخلاف فيما إذا باع مال أبيه على ظن أنه حي وكان ميتا مسألة إذا شرطنا القبول لم يكتف بالكتابة والرسالة كما لو كتب بالبيع وان لم نشترط القبول كفت الكتابة والرسالة وكان مأذونا في التصرف وهو الأقرب عندي وإذا شرطنا القبول لم يكف الاستدعاء بان يقول وكلني فيقول وكلتك بل يشترط القبول فيقول بعد ذلك قبلت وللشافعية قولان كما في البيع بل الوكالة أحوج إلى الاشتراط لأنها ضعيفة وقيل يجوز لان الوكالة يحتمل فيها ما لا يحتمل في البيع فكانت أولي بعدم الاشتراط ولا بأس به مسألة لا يصح عقد الوكالة معلقا بشرط أو وصف فان علقت عليهما بطلت مثل أن يقول إن قدم زيد أو إذا جاء رأس الشهر فقد وكلتك عند علمائنا وهو أظهر مذهب الشافعي لأنه عقد يملك به التصرف حال الحياة لم يبن على التغليب والسراية فلم يجز تعليقه بشرط كالبيع ولان الشركة والمضاربة وسائر العقود لا يقبل التعليق فكذا الوكالة وقال بعض الشافعية وأبو حنيفة واحمد يصح تعليقها على الشرط لان النبي صلى الله عليه وآله قال في جيش موته أميركم جعفر فان قتل فزيد بن حارثة فان قتل بعبد الله بن رواحة والتأمير في معنى التوكيل ولأنه لو قال أنت وكيلي في بيع عبدي إذا قدم الحاج أو وكلتك في شراء كذا في وقت كذا صح اجماعا ومحل النزاع في معناه والفرق ظاهر بين تنجيز العقد وتعليق التصرف وبين تعليق العقد إذا ثبت هذا فلا خلاف في تنجيز الوكالة وتعليق العقد مثل أن يقول وكلتك في بيع العبد ولا تبعه الا بعد شهر فهذا صحيح وليس للوكيل ان يخالف واعلم أن بعض الشافعية خرج الخلاف بينهم في وجوب التنجيز وصحة التعليق على أن الوكالة هل تفتقر إلى القبول ان قلنا لا يفتقر جاز التعليق والا لم يجز لان فرض القبول في الحال والوكالة لم يثبت بعد وتأخيرها إلى أن يحصل الشرط مع الفصل الطويل خارج عن قاعدة التخاطب مسألة ويصح توقيت الوكالة فيقول وكلتك إلى شهر مثلا فليس للوكيل بعد مضي الشهر التصرف قد بينا بطلان الوكالة المعلقة على الشرط وهو أظهر قولي الشافعية فلو تصرف الوكيل بعد حصول الشرط فالأقرب صحة التصرف لان الاذن حاصل لم يزل بفساد العقد وصار كما لو شرط في الوكالة عوضا مجهولا فقال بع كذا على أن لك العشر من ثمنه تفسد الوكالة ولكن ان باع يصح وهو أحد وجهي الشافعية والثاني لا يصح لفساد العقد ولا اعتبار بالاذن الضمني في عقد فاسد الا ترى انه لو باع بيعا فاسدا وسلم إليه المبيع لا يجوز للمشتري التصرف فيه وان تضمن البيع والتسليم الاذن في التصرف والتسليط عليه وليس بجيد لان الاذن في تصرف المشتري باعتبار انتقال الثمن إليه والملك إلى المشتري وشئ منهما ليس بحاصل وانما اذن له في التصرف لنفسه ليسلم له الثمن وهنا انما اذن له في التصرف عن الاذن لا لنفسه قال بعض الشافعية أصل المسألة ما إذا كان عنده رهن بدين مؤجل فاذن المرتهن في بيعه على أن يعجل حقه من الثمن وفيه اختلاف سبق وهذا البناء يقتضي ترجيح الوجه الثاني لان ظاهر مذهب للشافعية هناك فساد الاذن والتصرف فان قلنا بالصحة وهو الذي اخترناه نحن فتأثير بطلان الوكالة انه يسقط الجعل المسمى إن كان قد سمى له جعلا ويرجع إلى أجرة المثل وهذا كما أن الشرط الفاسد في النكاح يفسد الصداق ويوجب مهر المثل وان لم يؤثر في النكاح مسألة لو قال وكلتك بكذا ومهما عزلتك فأنت وكيلي صحت الوكالة المنجزة وبطل التعليق فله عزله فإذا عزله لم يصر وكيلا بذلك العقد بل بتجدد عقد اخر وللشافعية في صحة الوكالة المنجزة وجهان أصحهما صحة الوكالة في الحال والثاني البطلان لاشتمالها على الشرط الفاسد وهو الزام العقد الجايز فعلى قولنا وعلى الأصح من قولي الشافعية إن كان قوله مهما عزلتك مفصولا عن الوكالة فإذا عزله نظر ان لم يشعر به الوكيل واعتبرنا شعوره في نفوذ العزل فهو على وكالته وان لم نعتبره أو كان شاعرا به لم يعد وكيلا بعد العزل عندنا وللشافعية وجهان مبنيان على أن الوكالة هل تقبل التعليق لأنه علق
(١١٤)