" سرت من البصرة إلى الكوفة " وغيرهما من الجملات والمركبات، ولما كان التصديق محتاجا إلى النسبة والارتباط بين شيئين أو الأشياء شرطا أو شطرا، فلا بد أن يوضع شئ بإزائها، فوضعت الحروف مثل " من " و " إلى " في المثال المذكور، وما بمعناها من الهيئات الجملية والتركيبية بإزاء تلك النسبة.
ومنها ما وضع لايجاد المعاني كالانشاءات وألفاظ الطلب، والتمني، والترجي، والاستفهام، والنداء وألفاظ الإشارات، والضمائر، والموصولات.
إذا عرفت ذلك ظهر لك بأنه لا إختلاف بين تلك الألفاظ بحسب المعنى، بل الاختلاف إنما يكون من أطور الاستعمال، فاستعمال لفظ في مقام لفظ آخر، مثل لفظ " من " في مقام لفظ " الابتداء " غلط، وان كان معناهما واحدا. فإنه على خلاف الوضع والجعل، وبعبارة أخرى، وإن كان مثل هذا الاستعمال استعمالا فيما وضع له لكنه استعمال بغير ما وضع له فتأمل.
بقي شئ، وهو أن الألفاظ التي وضعت للاعلام التصديقي لا تفيد تلك الفائدة الا بشروط:
منها كون المتكلم بصدد الاعلام إعلاما تصديقيا، فإنه إن لم يكن بصدد ذلك، كان في مقام الهزل والمزاح لم يترتب على إعلامه ما يترقب من كلامه من التصديق، ولم يعمل اللفظ عمل المترقب منه، وإن كان يترتب على كلامه تصورات، والدليل على ذلك فهم العرف.
ومنها كونه صادقا في مقالته عند المخاطب، فإنه بدون ذلك لم يحصل للمخاطب تصديق أصلا، والدليل أيضا فهم العرف والوجدان.
ومنها كونه عالما بما أخبر به عند المخاطب، فإنه مع جهله بالواقع في علم المخاطب لم يحصل للمخاطب تصديق كما هو واضح فافهم، فإنه يمكن أن يقال: