وقد اختلفت عبائر أرباب النظر في بيان الفرق بين معاني الأسماء والحروف على وجه لا ينافي الاتحاد، فبعضهم اقتصر في المقام بأن معنى الاسم هو الكلي من المفاهيم المذكورة، ومعنى الحرف هو الجزئي منها، فمعاني الحروف متحدة مع معاني الأسماء وجودا، ومتغايرة مفهوما، فيصح قولهم: " من للابتداء "، لكونها موضوعة لجزئياته، ولا يصح استعمال كل منهما مقام الاخر للتغاير بحسب المفهوم، وفيه ما تقدم في المتن مع ما علقناه عليه.
وبعضهم ذكر على ما ببالي أن بين المعاني من الجواهر والاعراض ارتباطا خاصا من الابتداء، والانتهاء، والاستعلاء، وغيرها، وهذه المعاني الجوهرية والعرضية بعضها منتسب إلى بعض بهذه الارتباطات، فالأسماء المذكورة موضوعة للارتباطات، والحروف للانتساب الحاصل فيها بالارتباطات المذكورة، فقولهم: " من للابتداء " معناه أن " من " لانتساب شئ إلى شئ بأولية له، لا لنفس الابتداء.
وفيه أن انتساب شئ إلى شئ بالارتباطات الخاصة ليس أمر زائدا على تلك الارتباطات.
وبعضهم ذكر أن الحروف موضوعة لانشاء الارتباطات، لا لإفادة العلم بها، بخلاف الأسماء، والشاهد عليه أن الاتيان بها في الكلام يوجب العلم بالمعاني مرتبطة، فالارتباط بين المعاني يوجد بها، بخلاف الأسماء الموضوعة للارتباطات، فإن مجيئها في الكلام لا يوجب إلا تصور الارتباطات، ولا يحصل بها ربط أصلا.
وفيه أن وضع اللفظ للانشاء إنما يصلح بالنسبة إلى المعاني الاعتبارية التي يكون منشأ اعتبارها وانتزاعها عند العقلاء هو جعل المتكلمين، ولو في الجملة، كالطلب، والبيع، والولاية، وشبهها، لا بالنسبة إلى المعاني الحقيقية كالانسان، ولا