فإن قلت: ما من واجب إلا وله علة تامة، ضرورة استحالة وجود الممكن بدونها، فالتخصيص بالواجبات التوليدية بلا مخصص.
قلت: نعم وإن استحال صدور الممكن بلا علة، إلا أن مبادئ اختيار الفعل الاختياري من أجزاء علته، وهي لا تكاد تتصف بالوجوب، لعدم كونها بالاختيار، وإلا لتسلسل، كما هو واضح لمن تأمل، ولأنه لو كان معتبرا فيه الترتب، لما كان الطلب يسقط بمجرد الاتيان بها، من دون انتظار لترتب الواجب عليها، بحيث لا يبقى في البين إلا طلبه وإيجابه، كما إذا لم تكن هذه بمقدمته، أو كانت حاصلة من الأول قبل إيجابه، مع أن الطلب لا يكاد يسقط إلا بالموافقة، أو بالعصيان والمخالفة، أو بارتفاع موضوع التكليف، كما في سقوط الامر بالكفن أو الدفن، بسبب غرق الميت أحيانا أو حرقه، ولا يكون الاتيان بها بالضرورة من هذه الأمور غير الموافقة.
____________________
واما ما ذهب إليه صاحب " الفصول " من جعل ترتب ذي المقدمة عليها شرطا لوقوعها على صفة الوجوب، بمعنى جعله قيدا للواجب لا الوجوب، بحيث إن لم تقع في الخارج كذلك تكون فاسدة فيما إذا كانت عبادة، فإنه مع عدم ذلك يكشف عن عدم وقوعها على صفة بها صارت متعلقة للامر الغيري، والاتيان بالمأمور به فاقدا لما يعتبر في مطلوبيته قيدا كان أو جزء أو شرطا، فاسد قطعا، فالجواب عنه أوضح من سابقه، وذلك لان الغرض الداعي إلى ايجابها عقلا ليس إلا التمكن عن الاتيان بذي المقدمة بحيث لولاها لما تمكن من الاتيان بذي المقدمة، وهذا الغرض أعني التمكن حاصل بإتيان ذات المقدمة كما لا يخفى، واما ترتب ذي المقدمة عليها خارج عما وقع متعلقا للغرض، ويحتاج إلى