وروى في الكافي عن هشام بن سالم (1) في الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لأن أصلح بين اثنين أحب إلى من أن أتصدق بدينارين.
وعن المفضل (2) " قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إذا رأيت بين اثنين من شيعتنا منازعة فافتدها من مالي ".
وعن أبي حنيفة سابق الحاج (3) قال: مر بنا المفضل وأنا وختني نتشاجر في ميراث، فوقف علينا ساعة ثم قال لنا: تعالوا إلى المنزل، فأتينا فأصلح بيننا بأربعمائة درهم، فدفعها إلينا من عنده حتى إذا استوثق كل واحد منا من صاحبه.
قال لنا: أما أنها ليست من مالي ولكن أبو عبد الله (عليه السلام) أمرني إذا تنازع رجلان من أصحابنا في شئ أن أصلح بينهما وأفتدي بها من ماله، فهذا من مال أبي عبد الله (عليه السلام)، إلى غير ذلك من الأخبار الواردة في المقام، وسيأتي شطر منها في بعض الأحكام.
وما ذكرنا هنا من الآيتين وبعض الأخبار وإن لم يكن صريحا في هذا العقد المخصوص الذي هو محل البحث في هذا الكتاب، إلا أنه صالح لشموله وادخاله في ذلك.
إذا عرفت ذلك فالبحث في هذا الكتاب يقع في مطلبين:
الأول - في جملة من الأحكام، وفيه مسائل: الأولى - الظاهر أنه لا خلاف بين أصحابنا (رضوان الله عليهم) في أنه لا يشترط في صحة الصلح سبق نزاع، بل لو وقع ابتداء على عين بعوض معلوم صح، وأفاد نقل كل من العوضين كما في البيع، لا طلاق الأدلة الدالة على جوازه من غير تقييد بالخصومة، كالحديث النبوي المتقدم، وصحيحة حفص بن البختري المتقدمة. (4) وصحيحة محمد بن مسلم (5) عن الباقر (عليه السلام) أنه قال في رجلين كان لكل واحد منهما طعام عند صاحبه ولا يدري كل واحد كم له عند صاحبه فقال كل واحد منهما لصاحبه: لك ما عندك، ولي ما عندي فقال: لا بأس بذلك إذا