قريش، وعليه قميص مخرق، فقالوا: أصبح علي (عليه السلام) لا مال له فسمعها أمير المؤمنين (عليه السلام) فأمر الذي يلي صدقته أن يجمع تمره، ولا يبعث إلى انسان شيئا وأن يوفره ثم قال له: بعه الأول فالأول واجعلها دراهم، ثم اجعلها حيث تجعل التمر فاكبسه معه حيث لا يرى، وقال للذي يقوم عليه: إذا دعوت بالتمر فاصعد وانظر المال فاضربه برجلك كأنك لا تعمد الدراهم حتى تنثرها ثم بعث إلى رجل منهم يدعوهم ثم دعى بالتمر فلما صعد ينزل بالتمر ضرب برجله فانتثرت الدراهم، فقالوا: ما هذا يا أبا الحسن؟ فقال: هذا مال من لا مال له، ثم أمر بذلك المال فقال: انظروا أهل كل بيت كنت أبعث إليهم فانظروا ماله، وابعثوا إليه، " فروى في حديث آخر (1) مثله وفيه أن القائل كان طلحة والزبير، وروى في الكتاب المذكور أيضا عن أبي بصير (2) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن أناسا بالمدينة قالوا: ليس للحسن (عليه السلام) مال، فبعث الحسن (عليه السلام) إلى رجل بالمدينة فاستقرض منه ألف درهم فأرسل بها إلى المصدق، فقال: هذه صدقة مالنا: فقالوا ما بعث الحسن بهذه من تلقاء نفسه إلا وله مال.
وروى فيه عن عبد الأعلى (3) مولى آل سام " قال: إن علي بن الحسين (عليه السلام) اشتدت حاله حتى تحدث بذلك أهل المدينة، فبلغه ذلك فتعين ألف درهم ثم بعث بها إلى صاحب المدينة، وقال، هذه صدقة مالي ".
وبذلك يظهر قوة ما قواه، لأنه متى كان أظهر الغنى بين الناس مستحبا كما دلت عليه هذه الأخبار حتى أنهم (عليهم السلام) كانوا يقترضون لذلك فاستيجار الدراهم والدنانير لذلك مستحب، والمنفعة ظاهرة، بل مندوب إليها، والظاهر أن تردد من تردد ممن قدمنا ذكره، إنما هو لعدم حضور ما ذكر ببالهم، لا لعلمهم بذلك، وإنما حصل لهم الشك في أنه هل يعتد بهذه المنافع أم لا؟