وإنما يجب عليه التخلية بين المالك وبينها كالوديعة، لأصالة براءة ذمته من وجوب الرد، لأنها أمانة قبل انقضاء المدة، فيستصحب ولا يجب ردها إلا بعد المطالبة، والواجب بعدها تمكينه منها، كغيرها من الأمانات.
وخالف في ذلك جماعة منهم الشيخ وابن الجنيد، قال في المبسوط: إذا استأجر دابة واستوفى حقه أو لم يستوف وأمسك البهيمة بعد مضي المدة فهل يصير ضامنا لها؟ وهل يجب عليه مؤنتها ومؤنة الرد بعد الاستيفاء أم لا؟ فإنه يجب عليه الرد بعد مضي المدة، ومؤنة الرد إذا أمسكها وقد أمكنه الرد على حسب العادة صار ضامنا، وإنما قلنا ذلك لأن ما بعد المدة غير مأذون له في امساكها ومن أمسك شيئا بغير إذن صاحبه وأمكنه الرد فلم يرد ضمن، وفي الناس من قال: لا يصير ضامنا، ولا يجب عليه الرد ولا مؤنة الرد وأكثر ما يلزمه أن يرفع يده عن البهيمة، إذا أراد صاحبها أن يسترجعها، لأنها أمانة في يده، فلم يجب ردها مثل الوديعة.
وقال ابن إدريس: الذي يقوى في نفسي أنه لا يصير ضامنا ولا يجب عليه الرد إلا بعد مطالبة صاحبها بالرد، لأن هذه أمانة فلا يجب ردها إلا بعد المطالبة، مثل الوديعة، لأن الأصل براءة الذمة، فمن شغلها بشئ يحتاج إلى دليل، وما ذكره شيخنا في نصرة مذهبه فبعيد، ويعارض بالرهن إذا قضى الراهن الدين، ولم يطالب برد الرهن، وهلك فلا خلاف أن المرتهن لا يكون ضامنا له، وإن كان قال: للمرتهن أمسك هذا الرهن إلى أن أسلم إليك حقك، فقد أذن له في إمساكه هذه المدة، ولم يأذن فيما بعدها مطلقا، بل بقي على أمانته، على ما كان أولا، وكذلك في مسئلتنا، انتهى.
وعلى هذا القول جرى أكثر من تأخر عنه منهم الفاضلان في غير المختلف وأما فيه فإنه بعد نقل كلام الشيخ وكلام ابن إدريس قال: وفي ذلك عندي تردد.
أقول: والأظهر هو القول المشهور تمسكا بأصالة براءة الذمة حتى يقوم على