وهو بتجاوزه عن المسافة إلى ما زاد عليها قد حكموا عليه بضمان العين من حيث التعدي والتفريط، إلى أن ترد سالمة على المالك، وظاهر ذلك هو زوال العارية بهذا التعدي، حيث إن المفروض أنها غير مضمونة وإنما حصل الضمان بهذا التعدي الموجب للخروج عن كونها عارية، وحينئذ فكما أثر هذا التعدي في زوال العارية بالنسبة إلى ضمان العين، فلم لا يكون كذلك بالنسبة إلى ضمان المنفعة، لأن مقتضى العارية العدم، فلا وجه لحكمهم هنا بضمان المنفعة في خصوص موضع التعدي إذ التعدي أن كان موجبا للخروج عن العارية، فينبغي أن يكون بالنسبة إلى ضمان العين، وضمان المنفعة، وإلا فلا وجه للفرق بأن يكون ضمان العين مستمرا إلى الرجوع إلى المالك.
وضمان المنفعة ينقطع بالرجوع إلى محل التجاوز عن موضع الإذن، سيما أنهم صرحوا كما قدمنا ذكره بأنه في صورة ضمان المنفعة بأنه لا تبطل الإعارة، وإن كان عاصيا في تلك المدة المتوسطة، فلم لا يقال بذلك أيضا في صورة ضمان العين بأن الإعارة باقية، ومقتضيها عدم ضمان العين إلا في المدة التي تجاوز عنها حتى يرجع إليها، لا أنه يستمر الضمان إلى الرد على المالك.
وكما أن الرجوع من محل التجاوز إلى بلد الإعارة مأذون فيه، كما ذكروه بالنسبة إلى ضمان الأجرة، فلا أجرة عليه في ذلك كذلك، من حيث إنه مأذون فيه، لا ضمان للعين أيضا، والغصب إن أثر الضمان إلى الرجوع إلى المالك ففي الحالين، وإلا فلا.
وبالجملة فإنه لا يظهر لي وجه واضح في ما ذكروه من الفرق، والمسألة خالية من النص، وتعليلا تهم كما ترى، هذا كله إذا كانت العارية غير مضمونة.
أما لو كانت مضمونة كان شرط الضمان في العارية أو قلنا بضمان العواري، فإن الدابة المذكورة تكون مضمونة إلى نهاية موضع الإذن ضمان عارية، ولا أجرة عليه، لأنه مأذون له في التصرف فيها، فإذا تجاوز موضع الإذن ضمنها ضمان الغصب، ووجب عليه أجرة منافعها إلى أن يعود إلى المكان المأذون فيه،