وبالجملة فإنه متى حصل التراضي من الجانبين كما هو المفروض فلا مانع والتسلط الذي التجأوا إليه في المنع إنما يتم مع عدم التراضي والمفروض وجوده، نعم لو قلنا بعدم جواز الحوالة على البرئ اتجه ما ذكروه. والله العالم.
السادسة - الظاهر أنه لا خلاف بينهم في جواز ترامي الحوالات ودورها، لحصول شرايط الصحة، وعدم المانع فكما تصح الأولى تصح الثانية والثالثة، وهكذا لعين ما ثبت به صحة الأولى، فلو أحال المديون زيدا على عمرو ثم أحال عمرو زيدا على خالد، ثم أحال خالد زيدا على بكر صح، وهذا في صورة تعدد المحيل والمحال عليه، فإن كلا منهم ما عدا الأول محيل ومحال عليه، مع اتحاد المحتال، فإن المحتال في جميع هذه الفروض واحد، وهو زيد، ويجوز أن يرجع الأخير منهم على المديون الأول، ويحيل عليه، أما بأن تكون ذمته مشغولة بدين لمن أحال عليه، أو بناء على جواز الحوالة على البرئ فيصح دورها، ومثله (1) باقي الحوالات السابقة.
السابعة - لو أحال عليه فقبل الحوالة وأدى ثم رجع على المحيل بما أداه مدعيا براءة ذمته من مال المحيل، وادعى المحيل اشتغال ذمته، وأنه إنما أحال عليه من حيث كونه مشغول الذمة بماله، فإن قلنا بجواز الحوالة على البرئ كما هو أظهر القولين، وأشهر هما، فإن القول هنا قول المحال عليه بيمينه، لأنه منكر لاشتغال الذمة، وإن اعترف بصحة الحوالة، فإن صحتها لا تستلزم شغل الذمة لما عرفت من جوازها على البرئ، فيرجع بما أداه على المحيل بعد اليمين، وإن قلنا بأن الحوالة مشروطة بشغل ذمة المحال عليه فوجهان:
أحدهما - أنه لا يقبل قوله في نفي شغل الذمة، لأن الحوالة تقتضي شغلها، حيث أن الحوالة لا تصح إلا مع شغل الذمة كما هو المفروض، وهو موافق على الحوالة.
وبالجملة فالمنكر وإن كان معه أصالة عدم شغل الذمة، إلا أن ذلك يقتضي