العامل بالجميع كما اختاره في المسالك.
إذا عرفت ذلك فحجة القول الأول اشتغال ذمة كل منهما بمال المالك، فيرجع على كل منهما بما أتلفه، وعدم رجوعه بالجميع على العامل لما علله به في المختلف، وأما حجة القول الثاني فبالنسبة إلى الرجوع عليهما ما عرفت، وأما الرجوع على الغاصب بالجميع، فلأنه الأصل في تلف الجميع من حيث تصرفه بالأخذ منه، واعطاء العامل منه، وأما عدم رجوعه بالجميع على العامل فلما عرفت من التعليل المذكور في المختلف.
وحجة القول الثالث ما تقدمت الإشارة إليه، وسيأتي بيانه - إن شاء الله تعالى - في كتاب الغصب وملخصه تخير المالك في الرجوع على كل منهما بالجميع و بالبغض، لأن كلا منهما ضامن لجميع الثمرة، بوضع يده عليها، وقوله في تعليل نفي ضمان الجميع عن العامل أنه إنما كان راعيا حافظا نائبا عن الغاصب لا يمنع كون يده على الثمرة، وإن كان بطريق النيابة، والسبب الموجب للضمان هو ذلك.
وعلى هذا فإن رجع المالك على الغاصب بالجميع رجع الغاصب على العامل بالحصة التي قبضها وأتلفها، لعدم استحقاقه لها بعد ظهور فساد العقد، ورجع العامل على الغاصب بأجرة المثل مع جهله، وإن رجع بالجميع على العامل رجع العامل على الغاصب بما استهلكه من الثمرة، وبأجرة مثله مع جهله، ومع علمه لا يرجع بالأجرة، وإنما يرجع بحصة الغاصب خاصة، ولو رجع على كل منهما بما قبضه، فليس لأحدهما الرجوع على الآخر بشئ من الثمرة، نعم يرجع العامل على الغاصب بأجرة المثل مع الجهل كما عرفت.
بقي هنا صورتان آخران أيضا: وهو أن يتلف الجميع في يد العامل، أو يتلف الجميع في يد الغاصب، قالوا في الأولى: إنه لا ريب في رجوعه على العامل بحصة، وكذا يرجع عليه بحصة الغاصب، لأنه وإن كان يده عليها يد أمانة بالنظر إلى ظاهر الأمر أولا حيث أنه أمين من جهة المساقى، إلا أنه بعد ظهور