ثم ذكر جملة من الحيل في ذلك، ومنها جعل البذر منهما قال (رحمة الله عليه) فلو اتفق اثنان على المعاملة في مثل ذلك في الأرض الخراجية فطريق الصحة الاشتراك في البذر، بحيث يمتزج على الوجه المقرر في باب الشركة، ويجعلان باقي الأعمال بينهما على نسبة المال، ولو اتفقا على زيادة عمل من أحدهما نوى به التبرع، فلا رجوع له بالزائد، ولو أرادا جعل الحاصل مختلفا مع التساوي في البذر أو بالعكس، بني على ما تقرر في الشركة من جواز ذلك، وقد عرفت أن المختار جواز الزيادة في القدر للعامل، أو من له زيادة في العمل، فليلحظ ذلك أو غيره من الحيل الشرعية على توسيع هذه المعاملة، لأنها متداولة في كثير من البلاد التي أرضها غير مملوكة، فيحتاج فيها إلى وجه مجوز ويمكن فرضه بأمور، ثم عد جملة من الحيل في ذلك.
وأنت خبير بأن غاية ما يفهم من حقيقة المزارعة وصيغتها وتعريفها هو أولوية أحدهما بمنفعة تلك الأرض، أعم من أن يكون بالملك الطلق لرقبة الأرض، ومنفعتها بالإجارة، أو الأولوية الحاصلة في الأرض الخراجية أو المباحة بالتحجير أو الاحياء، وإن لم نقل بحصول الملك به.
وبالجملة فما يدل على كون المنفعة له بأي نحو كان، ويدل على ذلك الأخبار الواردة في مزارعة أرض الخراج من غير اشتراط شئ مما ذكره.
ومنها صحيحة يعقوب ابن شعيب (1) عن أبي عبد الله (عليه السلام) " قال:
سألته عن الرجل يكون له الأرض من أرض الخراج فيدفعها إلى رجل على أن يعمرها، ويصلحها ويؤدي خراجها وما كان من فضل فهو بينهما، قال: لا بأس ".
وصحيحة الحلبي (2) عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث " أنه سئل عن مزارعة أهل الخراج بالربع والنصف والثلث؟ قال: لا بأس به " الحديث.