وأيضا لا شك في تحقق الإذن في التصرف على وجه الشركة بالشراء بالعين المماثل غيره، فتحصل فائدة الشركة بل يحصل ذلك مع الامتياز أيضا، إلا أنه يكون الشركة باعتبار القيمة فلا مانع منها حينئذ.
أقول: إن كان مراده بما ذكره في غير المتجانسين من حصول الاشتباه وعدم المائز الذي جعله مناطا للشركة، باعتبار عسر التميز بينهما ولو مجازا، فما ذكره محتمل، وإلا فإنه مع اختلاف الجنسين لا اشتباه، بل التميز حاصل، فإنه متى خلط حنطة بشعير، فإن الامتياز حاصل، والاشتباه مرتفع إلا أنه يعسر تخليص أحدهما من الآخر فدعوى حصول الاشتباه وعدم المايز لا يتم إلا إذا كان باعتبار ما ذكرناه من التجوز عن عسر تخليص أحدهما من الآخر، وإن كان الجميع مشتركا في الاشتراك الظاهري، دون النفس الأمري، فإن كلا من المشترك في الجنس كحنطة بحنطة.
أو المختلف كحنطة بشعير، الاشتراك فيه إنما هو بحسب الظاهر، لا نفس الأمر.
وبالجملة فإن كلامه هنا لا يخلو من اجمال، وظاهره الميل إلى ما قدمنا نقله عن أبي حنيفة من عدم اعتبار الامتزاج، وأنه تصح الشركة مع الامتياز، وأنت خبير بأنا لم نظفر لهم بدليل على ما ذكروه من شرط التجانس، ولا شرط الامتزاج، بل ظاهر الأخبار العموم، كما أنك قد عرفت أيضا أنه لا دليل على العقد الذي ادعوه، وأن الشركة شرعا عبارة عن ذلك العقد، والمفهوم من ظواهر الأخبار أنه إذ اشتركا في مال واتجرا به ترتبت عليه أحكام الشركة، سواء كانت ثمة عقد أو لم يكن، اتفق المال جنسا أو اختلف، مزج بعضه ببعض أم لم يمزج.
ومنها رواية حسين بن المختار المتقدمة، وحسنة الحلبي (1) عن أبي عبد الله (عليه السلام) في رجلين اشتركا في مال فربحا ربحا وكان من المال دين، الحديث وقد تقدم في كتاب الدين.
وبالجملة فإن أبحاثهم وتفريعاتهم في هذه المواضع الخالية من النصوص قد جروا فيها على أبحاث مخالفيهم في ذكرها، والبحث عنها، ورجحوا منها ما