حتى يرث الله الأرض ومن عليها ولو كانت كالعارية لم يحرم ذلك كله مسألة إذا وقف واقبض زال ملكه عنه عند أكثر علمائنا وهو المشهور من مذهب الشافعية وبه قال أبو حنيفة واحمد في إحدى الروايتين لان الوقف سبب يزيل التصرف في الرقبة والمنفعة فأزال الملك كالعتق ولأنه لو كان باقيا على ملكه لرجعت إليه قيمته كالملك المطلق وقال مالك ان الواقف لا يزول ملكه عن الوقف وهو أحد قولي الشافعي لقوله (ع) حبس الأصل وسبل الثمرة ولان شرطه يتبع ولو زال لما اتبع ولا حجة فيه لان المراد به ان يكون محبوسا لا يباع ولا يوهب ولا يورث والملك انما زال على هذا الحد من الشرايط وفايدة الخلاف انا لو حكمنا بقاء ملكه لزمه مراعاته والخصومة فيه ويحتمل ان يلزمه أرش جنايته كما يفدي أم الولد سيدها لما تعذر تسليمها بخلاف غير المالك وربما احتج من قال ببقاء ملك الواقف عليه بان الوقف المنقطع ينصرف بعد الانقراض إلى أقرب الناس إلى الواقف والفرق ظاهر وإذا ثبت زوال ملك الواقف عنه فإنه ينتقل إلى الموقوف عليهم عند أكثر علمائنا وبه قال احمد والشافعي في أحد القولين لأنه مال لان احكام المالية ثابتة فيه ولهذا يضمن بالقيمة فكان ملكا والمنع من البيع لا يخرجه عن المالية كأم الولد وقال جماعة من علمائنا انه ينتقل إلى الله تعالى وبه قال أبو حنيفة في الوقف اللازم لأنه أزال ملكه عن العين والمنفعة على وجه القربة فتمليك المنفعة فانتقل الملك فيه إلى الله تعالى كالعتق ولأنه لو انتقل إليه لافتقر إلى قوله كساير الاملاك ثم نقضوا دليل أولئك ببواري المساجد وآلاتها فإنها تضمن بالقيمة وملكها الله تعالى ونمنع عدم الافتقار إلى القبول والقياس ليس حجة عندنا ويظهر فايدة الملك في وجوب الزكاة في الغنم الموقوفة والمنفقة على العبد واعلم أن الشافعي قال تارة بان ملك الواقف يزول عن رقبة الوقف وان الموقوف عليه لا يملكها وانما يملك المنفعة وقال في الشهادات ان مدعى الوقف إذا قام شاهدا واحدا حلف معه وهو يدل على أنه ملك الوقف ولأصحابه في المسألة طرق فقالوا ان في طرق الواقف قولين أصحهما انه ملكه يزول لأنه تصرف يقطع تصرفه في الرقبة واستحقاقه المنفعة فأشبه العتق والصدقة والثاني وبه قال مالك انه لا يزول ملكه لان شرطه متبع ولو زال الماء؟ اتبع على القول بالانتقال والى من ينتقل أظهر الطرق انه على قولين أصحهما عندهم وبه قال أبو حنيفة انه ينتقل إلى الله تعالى كالعتق ومعناه انه ينفك عن اختصاصات الآدميين والثاني وبه قال احمد انه ينتقل إلى الموقوف عليه كالصدقة والطريقة الثانية القطع بالأول وثبوته بالشاهد واليمين لان المقصود منه اظهار استحقاق المنفعة لا لان الرقبة ملك له فيحلف مدعي الوقف مع الشاهد لان المقصود من الوقف المنفعة وهي مال يثبت بالشاهد واليمين بخلاف حرية العبد لان المقصود منها تكميل احكامه والثالث القطع بالقول الثاني وحمل ما ذكره في الوقف على أنه لا يملك البيع ونحوه من التصرفات هذا كله فيما إذا وقف على شخص معين أو جهة عامة إذا جعل البقعة مسجدا أو مقبرة فهو فك عن الملك كتحرير الرقيق فينقطع عنها اختصاص الآدميين بلا خلاف فيه وقال بعض الشافعية ان وقف على معين فهو ملك الموقوف عليه بلا خلاف وان وقف على جهة عامة فالملك لله بلا خلاف وقيل إنه على الأقوال الثلاثة في الصورتين واستبعد بعضهم نقل الملك إلى الله تعالى في الوقف على المعين لأنه ليس من القربات ونقل الملك إلى الموقوف عليه في الجهات العامة لان الوقف قد يكون على الرباطات والقناطر وما لا ينتسب إليه ملك والا ظهر عندهم من الأقوال إضافة الملك إلى الله تعالى ولهم ان يجيبوا؟ بالمنع من كون الوقف على المعين ليس قربة ولو سلم فليس المعنى بكون الملك لله تعالى سوى انفكاك المحل عن ملك الآدميين واختصاصهم وذلك لا يتوقف على القربة وقصدها فان الكافر إذا أعتق صار العتق لله وان لم يكن فيه قربة ويمنع انتفاء الملك عن المسجد والرباط فقد يكون لهما ملك كما يكون عليهما وقف مسألة لما كان الوقف عبارة عن تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة اقتضى ان يكون فوايده ومنافعه للموقوف عليه يتصرف فيه كيف شاء تصرف المالكين في املاكهم من البيع والهبة والوقف وغير ذلك فان الوقف لذلك وضع فإن كان الوقف شجرة ملك الموقوف عليه ثمارها ملكا تاما واما أعضائها فإن كانت معتادة القطع فهي كالثمرة يملكها ملكا تاما كشجرة الخلاف فأغصانها كثمار غيرها وان لم تكن معتادة القطع فهي كالأصل ولو كانت نخلا وكان الطلع موجودا حال الوقف فالوجه انه لا يدخل في الوقف سواء أبرأ أو لا لأنه ليس جزءا من المسمى وإن كان الوقف بهيمة ملك الموقوف عليه الصوف واللبن والزبد والأقوى في النتاج انه يملكه أيضا لأنه من جملة المنافع فأشبه اللبن والصوف وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه لا يملكه الموقوف عليه بالخصوصية بل يكون وقفا وكالأم حكمه حكمها تبعا لها كما أن ولد الأضحية يكون ضحية وقطع بعض الشافعية بالمنع في الأول وقال إن المطلق منها الدر والنسل والوجهان في ولد الفرس والحمار وحكم فيها وجهان ثالثا متعين انه لاحق فيه للموقوف عليه بل يصرف إلى أقرب الناس إلى الواقف الا إذا صرح بخلافه وهذا الخلاف في النتاج الحادث بعد الوقف فان وقف البهيمة وهي حامل وقلنا إن الحادث بعد الوقف وقف فهنا أولي عند الشافعية والا فوجهان بناء على أن الحمل هل له حكم أم لا واما عندنا فالحمل للواقف إذا كان موجودا حال الوقف ولا يدخل في الوقف كما لا يدخل في البيع على ما حققناه الا ان يشترط دخوله في الوقف فيدخل كما يدخل في البيع مع الشرط وما ذكرناه في الدر والنسل مفروض فيما إذا اطلق وشرطهما للموقوف عليه إما إذا وقف الدابة على ركوب انسان ولم يشرط الدر والنسل فهما للواقف وهو أحد قولي الشافعية وقال بعضهم حكم الدر بالنسل حكم وقف منقطع الأخر وليس بشئ لان الدر والنسل لا مصرف لهما أولا ولا اخرا بل هما غير داخلين في الوقف وبالجملة فإنه يجوز الوقف لبعض المنافع والفوايد خاصة دون بعض وهو قول بعض الشافعية فيه فلو وقف ثورا للانزاء جاز ولا يجوز استعماله في الحراثة ولو وقف دابة مأكولة اللحم لم يجز ذبحها وان خرجت عن حد الانتفاع كما لا يجوز اعتاق العبد الموقوف وينبغي على قولنا من جواز بيع الوقف على ما يأتي بيانه جواز بيعها إما إذا بلغت إلى حال بحيث يقطع بموتها لو لم تذبح فالوجه جواز ذبحها لظاهر ثم اللحم للموقوف عليه ان قلنا إنه يملك الوقف أو للواقف ان قلنا بعدم خروج الوقف عن ملكه بالوقف وان قلنا الملك لله تعالى فعل الحاكم ما يراه مصلحة فيه قال الشافعية يباع اللحم ويشتري بثمنه بهيمة من جنسها وتوقف ولا بأس به وإذا ماتت البهيمة الموقوفة لم يكن للموقوف عليه الانتفاع بجلدها سواء دبغ أو لا عندنا إما من طهره بالدباغ كالشافعية وغيرهم فان الموقوف عليه عندهم أولي بجلدها وإذا دبغه ففي عوده وقفا وجهان مسألة يجوز للموقوف عليه استيفاء المنافع المستحقة له بالوقف بنفسه وانشاء بغيره ممن يقيمه مقامه إما بإعادة منه أو اجارة ويصرف مال الإجارة إليه إن كان الوقف مطلقا إما إذا قيده فقال وقفت داري ليسكنها الموقوف عليه لم يكن له اسكان غيره ولو قال وقفت داري ليسكنها من يعلم الصبيان في هذه القرية فللمعلم ان يسكنها وليس له ان يسكن غيره بأجرة ولا بغير اجرة عملا بمقتضي ما شرطه الواقف ولو قال وقفت داري على أن تستغل وتصرف غلتها إلى فلان تعين الاستغلال ولم يجز له ان يسكنها ولو كان قد وقف الدار مطلقا فقال الموقوف عليه انا أسكن الدار وقال الناظر في الوقف انا أكريها لاصرف الغلة إلى عمارتها قدم قول الناظر ان احتاجت إلى العمارة والا قدم قول الموقوف عليه مسألة يجوز وقف الجارية اجماعا ولا يحل للواقف وطوها بعد الوقف وتمامه إما على القول بزوال ملكه الوقف فظاهر لان الوطي لم يصادف ملكا ولا عقدا واما على القول ببقاء ملكه فلانه ملك ناقص لم يحدث نقصانه يملك سابق فلا يفيد حل الوطي واحترزنا بهذا القيد عن أم الولد ولا يلزم وطي العبد الجارية التي ملكها السيد أباه حيث يجوز عندنا وعلى قول الشافعي القديم لان الملك فيه غير ناقص وانما الناقص المالك فهو كجارية للمجنون يطأوها ولا ينصرف فيها لنقصانه وكذا ليس للموقوف عليه ان يطأها إما إذا لم نثبت الملك له فظاهر واما إذا أثبتناه فلانه ملك ناقص لم يحدث نقصانه بوطي سابق فلا يفيد حل الوطي (على ما)؟ قلنا في الواقف مسألة إذا وطئت الجارية الموقوفة فإن كان الواطي أجنبيا فإن لم يكن هناك شبهة وجب عليه الحد ويكون الولد رقيقا وهل يكون وقفا أو طلقا سبق فيه وجهان كما في نتاج البهيمة ثم إن كانت مكرهة وجب على الواطي المهر إما العشر إن كانت بكرا أو نصفه إن كانت ثيبا وإن كانت مطاوعة
(٤٤٠)