المبعث على كنايسهم القديمة فإنه مقرر عليهم حيث تقرر الكنايس وان لم تكن الجهة جهة معصية صح الوقف سواء ظهر فيها قصد القربة كالوقف على المساكين أو في سبيل الله أو على العلماء أو المتعلمين أو المساجد والمدارس والربط والقناطر والمشاهد والأقارب أو لم يظهر قصد القربة كالوقف على الأغنياء لكن بشرط قصد القربة إذ من شرط صحة الوقف نية القربة والشافعية في الوقف على من لم يظهر فيه قصد القربة كالوقف على الأغنياء وجهان مبنيان على أن المراعي في الوقف على الموصوفين جهة القربة أو التمليك وتحقيقه ان الوقف على المعنيين سلك به مسلك التمليك ولذلك لا يجوز على من لا يجوز تمليكه ثم يقصد الواقف التقرب به إلى الله كالصدقة واما الوقف على من لا يتعين فالمراعي فيه طريق القربة دون التمليك ولهذا لا يجب استيعاب المساكين بل يجوز الاقتصار على ثلاثة منهم وقال بعضهم المراعي طريق التمليك كما في الوصية والوقف على المعين وادعي موافقة الباقين له حتى أنهم قالوا إن الوقف على المساجد والربط تلميك للمسلمين منفعة الوقف فان قالوا بالأول لم يجز الوقف على الأغنياء ولا على اليهود والنصارى والفساق وان قالوا بالثاني جاز الكل والحق عندنا ما قدمنا ولو وقف على الطالبيين أو العلويين أو غيرهم ممن لا ينحصر جاز وللشافعي قولان كما في الوصية لهم فان راعوا طريق القربة صح الوقف لهم والا لم يصح لتعذر الاستيعاب والأشبه بكلام الأكثر ترجيح كونه تمليكا ويصح الوقف على هؤلاء وكذا يصح الوقف على المنازلين في الكنايس من مادة أهل الذمة ويكون وقفا عليهم لا على الكنايس قال بعض (الشافعية) العامة يصح الوقف على الأغنياء وأبطل الوقف على اليهود والنصارى وقطاع الطريق وساير الفساق لتضمنه الإعانة على المعصية مسألة إذا وقف على قبيلة عظيمة كثيرة الانتشار كقريش وبنى تميم وبنى وايل ونحوهم صح عند علمائنا وهو أحد قولي الشافعي لأصالة الصحة ولأنها جهة قربة وجهة صحة تمليك فجاز الوقف كالمنحصر ولان من صح الوقف عليه إذا كان عدده محصورا صح وان لم يكن محصورا كالفقراء والمساكين ولأنه يجوز الوقف على الفقراء والمساكين اجماعا مع عدم انحصارهم فجاز هنا والقول الثاني للشافعي انه لا يصح الوقف على من لا يمكن استيعابهم وحصرهم كما لو قال وقفت على قوم والفرق ان التعيين في صورة النزاع بخلاف القوم فإنهم مع عدم انحصارهم غير معينين لأنه يطلق على جماعة غير معينة فبطل ولو وقف على المسلمين كلهم أو على أهل إقليم كالعراق أو على أهل مدينة كبغداد صح أيضا خلافا له ولو وقف على كافة بني ادم أو على كافة البشر صح على ما اخترناه مسألة إذا وقف على المسلمين كان لمن أقر بالشهادة ولمن هو في حكمه من أطفالهم ومجانينهم لأنه المتبادر إلى الفهم ولا فرق في ذلك بين طوايف أهل الاسلام ما لم يرتكب ما يعلم بطلانه من الدين ضرورة كالغلاة والمجبرة والمشبهة وخصص بعض علمائنا ذلك إذا صدر من المسلم المحق بالمحق من المسلمين وليس جيدا ونحو ما قلناه قال الشيخ ره فإنه قال إذا وقف المسلم شيئا على المسلمين كان لجميع أقر بالشهادتين وأركان الشريعة من الصلاة والزكاة والصوم والحج وان اختلفوا في الأداء والديانات وقال بعض علمائنا يكون لمن صلى إلى القبلة وهو قريب ان لم يقصد الصلاة بالفعل بل يقصد اعتقاد الصلاة إلى القبلة مسألة إذا وقف على المؤمنين كان مصرفه الاثني عشرية عند علمائنا لأنه المتعارف من هذا الاطلاق وهل يشترط فيه اجتناب الكباير قال الشيخ ره نعم فلا يجوز للفساق من الامامية اخذ شئ ء منه وأطلقه سلار وقال يكون للامامية كما اخترناه نحن لان الفسق لا يخرج المؤمن عن ايمانه وللشيخ ره قول اخر في التبيان يقتضى دخول الفساق فيهم مسألة إذا وقف على الشيعة ولم يميز صرف ذلك إلى من يقدم عليا (ع) في الإمامة على المشايخ وقال الشيخان ره يكون ذلك ماضيا في الامامية والجارودية من الزيدية دون التبرية وقال ابن إدريس إذا كان الواقف من إحدى فرق الشيعة كالجارودية والكيسانية والناووسية والفطحية والواقفية والاثني عشرية حمل كلام العام على شاهد حاله وفحوى قوله وخصص به وصرف في أهل نحلته دون من عداهم من ساير المنطوق عملا بشاهد الحال ولا بأس به ولو وقف على الزيدية كان مصروفا على القايلين بامامة زيد بن علي بن الحسين عليهما السلام وامامة كل من خرج بعده بالسيف من ولد فاطمة (ع) من ذوي الرأي والعلم والصلاح قال الشيخان ره وقال ابن إدريس هذا الاطلاق ليس بجيد بل إذا كان الواقف زيديا كان كذلك فإن كان اماميا كان الوقف باطلا بناء منه على أن وقف المحق على غير المحق باطل مسألة إذا وقف المسلم على الفقراء انصرف ذلك إلى فقراء المسلمين عملا بشاهد الحال وان المراد ذلك دون غيرهم ولو وقف الكافر على الفقراء انصرف إلى فقراء نحلته لما تقدم من شاهد الحال وكذا لو وقف المسلم على فقراء بلده وفيهم فقراء مسلمين وكفار انصرف إلى فقراء المسلمين خاصة وكذا الكافر لو وقف على فقراء بلده وفيهم فقراء القبيلتين انصرف إلى فقراء الكفار ولو لم يكن فيهم الا فقراء من غير قبيله انصرف الوقف إليهم عملا بالإضافة فلو وقف المسلم على فقراء بلد وليس فيهم فقير مسلم وعلم بذلك بل كان فقراؤه كلهم كفارا انصرف وقفه إليهم وكذا في طرف الكافر مسألة إذا علق الوقف على قبيلة مخصوصة أو على جماعة اشتركوا في نسبة على وقفه عليها إما من صنعة أو وصف صح ولم يشركهم غيرهم فيه فلو وقف على العلوية كان مصروفا إلى المنتسبين إلى أمير المؤمنين من طريق الأب ولم يشركهم فيه غيرهم من أنسابهم كبني جعفر وبني عقيل وكذا لو وقف على الهاشميين صرف إلى كل هاشمي وهو من انتسب إلى هاشم بالبنوة ولو وقف على الفاطميين كان لمن انتسب إلى فاطمة بالبنوة واشترك فيه الحسنيون والحسينيون ولو وقف على الحسنيين لم يكن للحسينيين فيه شئ وكذا لو وقف على الحسينيين لم يكن للحسنيين معهم شئ ولو وقف على المتفقهة صرف إلى المشتغلين بتحصيل الفقه سواء كان مبتدء أو منتهيا ولو وقف على الفقهاء دخل فيه من حصل شيئا من الفقه وان قل وان وقف على العطارين أو البزازين أو النساج أو الخباز؟ (أو الحاكة) أو التجارين وغيرهم من أرباب الصنايع المحللة شريفة كانت أو وضيعة صح الوقف وانصرف إلى الغني منهم والفقير ولو وقف على الصوفية فللشافعية قولان أحدهما الصحة وهو المعتمد ان لم يخرجوا على الشريعة المحمدية ولم يبتدعوا في طريقهم والثاني للشافعية البطلان إذ ليس للتصوف حد توقف عليه وهو ممنوع فان المتصوفة الذين يصح الوقف عليهم المشتغلون بالعبادة في أكثر الأوقات المعرضون عن الدنيا وفصل بعضهم فقال لا بد في المتصوفة من العدالة ومن ترك الحرفة ولا بأس بالوراقة والخياطة وما أشبههما إذا كان يتعاطاها أحيانا في الرباط لا في الحانوت ولا يقدح قدرته على الاكتساب والاشتغال بالوعظ والتدريس ولا ان يكون له من المال قدر ما لا يجب فيه من الزكاة أو لا يفي دخله بخرجه ويقدح السروة الظاهرة والعروض الكثيرة ولا بد بان يكون في ذي القوم الا إذا كان ساكنا لهم في الرباط فيقوم المساكنة والمخالطة مقام الذي ولا يشترط لبس الرقعة من يد شيخ مسألة يجوز الوقف على أكفان الموتى ومؤنة الغسالين والحفارين وإن كان ذلك من فروض الكفايات وكذا يجوز على شراء الأواني والظروف لمن تكثرت عليه وعلى شراء أقلام العلماء دون أقلام الظلمة التي يكتب بها الظلم ويجوز على مصلي صلاة الليل ويصرف إلى من يصلي صلاة الليل المنقولة عن أهل البيت (ع) ولا يشترط أكثر من ثمان ركعات لأنها هي صلاة الليل ولا بد ان يصليها في الليل بعد انتصافه ولو قدمها في أول الليل نادرا دخل ولا يكون ذلك عادة وكذا ان اتفق له القضاء بالنهار أو الترك مطلقا أحيانا ولا يشترط الدعاء المنقول بين الركعات ولو وقف على الأرقاء الموقوفين على خدمة الكعبة أو المشهد أو قبر رسول الله صلى الله عليه وآله واحد قبور الأئمة (ع) أو قبر بعض الصلحاء فالأقرب الجواز وهو أصح وجهي الشافعية كالوقف على علف الدواب في سبيل الله ولو وقف على دار وحانوت قال بعض الشافعية لا يصح الا أن يقول وقفت على هذه الدار على أن يأكل فوايد الوقف طارقوا؟ الدار فيصح على أظهر الوجهين عندهم ولو وقف
(٤٣٠)