وإذا كان قبل الحكم لا يمكن الحكم بشهادة مرجوع عنها فاما إذا حكم بذلك ثم قالا أو أحدهما انه عزله بعد ما وكله فإن كان ذلك رجوعا عن الشهادة لم يقبل وكذا لو شهد الشاهدان بالوكالة ثم شهد ثالث غيرهما بالعزل لم يثبت العزل بشهادة واحد لان العزل انما يثبت بما يثبت به التوكيل ولو شهد الشاهدان بالوكالة ثم شهدا معا بالعزل تمت الشهادة في العزل كتمانها في التوكيل مسألة من شرط قبول الشهادة اتفاق الشاهدين على الفعل الواحد فلو شهد أحدهما انه وكله يوم الجمعة وشهد الأخر انه وكله يوم السبت لم تتم البينة لان التوكيل يوم الجمعة غير التوكيل يوم السبت فلم تكمل شهادتهما على فعل واحد ولو شهد أحدهما انه أقر بتوكيله يوم الجمعة وشهد الأخر انه أقر به يوم السبت ثبتت الشهادة لان الاقرارين اخبار عن عقد واحد ويشق جمع الشهود على اقرار واحد ليقر عندهم في حالة واحدة فجوز له الاقرار عند كل واحد وحده رخصة للمقر وكذا لو شهد أحدهما انه أقر عنده بالوكالة بالعربية وشهد الأخر انه أقر بها بالعجمية تثبت الوكالة ولو شهد أحدهما انه وكله بالعربية شهد الأخر انه وكله بالعجمية لم تثبت لان الانشاء هنا متعدد لم يشهد بأحدهما شاهدان وكذا لو شهد أحدهما أنه قال وكلتك وشهد الأخر أنه قال أذنت لك في التصرف أو قال جعلتك وكيلا أو شهد أنه قال جعلتك حريا اي وكيلا لم تتم الشهادة لاختلاف اللفظ ولو شهد أحدهما انه وكله وشهد الأخر انه اذن له في التصرف تمت الشهادة لأنهما لم يحكيا لفظ الموكل وانما عبرا عنه بلفظهما واختلاف لفظهما لا يؤثر إذا اتفق معناه ولو قال أحدهما اشهد أنه أقر عندي انه وكيله وشهد الأخر انه وكله لم تثبت الوكالة لان الاقرار غير الانشاء وكل واحد لم يكمل شهادته ولو قال أحدهما اشهد أنه أقر عندي انه وكيله وقال الآخر اشهد أنه أقر انه حرية أو انه اوصى إليه بالتصرف في حياته تثبت الوكالة بذلك لأنهما اخبرا بلفظها ولو شهدا على الانشاء لكن شهد أحدهما انه وكله في بيع عبده وشهد الأخر انه وكله وزيدا أو شهد انه وكله في بيعه وقال لا تبعه حتى تستأمرني أو تستأمر فلانا لم تتم الشهادة لان الأول أثبت استقلاله بالبيع من غير شرط والثاني ينفي ذلك فاختلفت الشهادة أما لو شهد أحدهما انه وكله في بيع عبده وشهد الأخر انه وكله في بيع عبده وجاريته حكم بالوكالة في العبد لاتفاقهما عليه وزيادة الثاني لا يقدح في تصرفه في الأول وهكذا لو شهد أحدهما انه وكله في بيعه لزيد وشهد الأخر انه وكله في بيعه لزيد وان شاء لعمرو على اشكال مسألة لا تثبت الوكالة والعزل بشهادة واحد ولا بخبره عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي واحمد لأنه حق مالي فلا يثبت بخبر الواحد ولا بشهادته كالبيع وقال أبو حنيفة تثبت الوكالة بخبر الواحد وان لم يكن ثقة ويجوز التصرف للمخبر بذلك إذا غلب على ظنه صدق المخبر بشرط الضمان ان أنكر الموكل ويثبت العزل بخبر الواحد إذا كان رسولا لان اعتبار شاهدين عدلين في هذا مشق فسقط اعتباره لأنه اذن في التصرف ومنع منه فلم يعتبر في هذا شرط الشهادة كاستخدام غلام واسلام عبد وهو غلط لأن العقد لا يثبت بشاهد واحد بخلاف الاستخدام واسلام العبد لأنه ليس بعقد ولو شهد اثنان ان فلان الغائب وكل فلانا الحاضر فقال الوكيل ما علمت هذا وانا أتصرف عنه تثبت الوكالة لان معنى ذلك اني لم اعلم إلى الان وقبول الوكالة تجوز متراخيا وليس من شرط التوكيل حضور الوكيل ولا علمه ولا يضر جهله به ولو قال ما اعلم صدق الشاهدين لم تثبت وكالته لقدحه في شهادتهما على اشكال أقربه ذلك ان طعن في الشهود والا فلا لأن الاعتبار بالسماع عند الحاكم وجهله بالعدالة مع علم الحاكم بها إما بنفسه أو بالتزكية لا يضر في ثبوت حقه مسألة يصح سماع البينة بالوكالة على الغايب وهو ان يدعي ان فلانا الغايب وكلني في كذا عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي لأنه لا يعتبر رضاه في سماع البينة فلا يعتبر حضوره كغيره وقال أبو حنيفة لا يصح وإذا قال له من عليه الحق انك لا تستحق مطالبتي أو لست بوكيل لم تسمع دعواه لان ذلك طعن في الشهادة ولو طلب منه الحلف على استحقاق المطالبة لم يسمع كذلك ولو قال قد عزلك الموكل فاحلف انه ما عزلك لم يستحلف لان الدعوى على الموكل واليمين لا تدخلها النيابة ويحتمل الحلف لأنه يدعي عليه استحقاق المطالبة فيحلف على نفي العلم ولو قال له أنت تعلم أن موكلك قد عزلك سمعت دعواه وان طلب اليمين من الوكيل حلف انه لا يعلم أن موكله عزله لان الدعوى عليه وان أقام الخصم بينة بالعزل سمعت وانعزل الوكيل مسألة تقبل شهادة الوكيل على موكله وله فيما ليس بوكيل فيه ولا تقبل لموكله فيما هو وكيل فيه لأنه يثبت لنفسه حقا ولو شهد بما كان وكيلا فيه بعد عزله فإن لم يكن قد خاصم قبلت والا فلا وبه قال أبو حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد وأحمد بن حنبل لا تقبل شهادته سواء خاصم أو لا لأنه بعقد الوكالة صار خصما فيه فلم تقبل شهادته فيه كما لو خاصمه فيه بخلاف ما إذا لم يكن وكيلا فإنه لم يكن خصما فيه وهو خطأ لان الوكيل بعد عزله كالأجنبي بل ربما كان متهما في حق موكله مسألة لو كانت الأمة بين اثنين فشهد الزيد ان زوجها وكله في طلاقها لم تسمع شهادتهما لأنهما يجران إلى أنفسهما نفعا وهو زوال حق الزوج من البضع الذي هو ملكهما ولو شهدا بعزل الوكيل في الطلاق لم تقبل شهادتهما لأنهما يجران إلى أنفسهما نفعا وهو ابقاء النفقة على الزوج وتقبل شهادة ولدي الرجل له بالوكالة وشهادة أبويه خلافا للعامة وتقبل شهادة ابني الموكل وأبويه بالوكالة وبه قال بعض الشافعية أما عندنا فلانه تقبل شهادة الولد لوالده وبالعكس وأما عنده فلان هذا حق على الموكل يستحق به الوكيل المطالبة فقبلت فيه شهادة قرابة الموكل كالاقرار ونحن متى فرضت الشهادة على الأب منعنا قبولها وقال احمد لا تقبل شهادة يثبت فيها حقا لأبيه أو ابنه فلم يقبل شهادة ابني الوكيل وأبويه لأنهما يثبتان لأبيهما نايبا متصرفا وفارق الشهادة عليه بالاقرار فإنها شهادة عليه متمحضة والأقرب انه إن كانت الشهادة على الأب لم تسمع وإن كانت له أو على الولد أو للولد سمعت ولو ادعى الوكيل الوكالة فأنكرها الموكل فشهد عليه ابناه لم تثبت عندنا لأنه لا تقبل شهادة الولد على والده خلافا للعامة ولو شهد عليه أبواه قبلت عندنا وعندهم وان ادعى الموكل انه تصرف بوكالته وأنكر الوكيل فشهد عليه ابناه لم تقبل فان شهد أبواه سمعت وان ادعى وكيل لموكله الغائب حقا وطالب به فادعى الخصم ان الموكل عزله وشهد له بذلك أبناء الموكل لم تقبل إن كانت شهادة عليه وقال الجمهور تسمع ويثبت العزل لأنهما يشهدان على أبيهما وان لم يدع الخصم عزله لم تسمع شهادتهما لأنهما يشهدان لمن لا يدعيهما فان قبض الوكيل فادعى انه كان قد عزل الوكيل وان حقه باق في ذمة الغريم وشهد له ابناه قبلت لأنهما يثبتان حقا لأبيهما خلافا للعامة ولو ادعى مكاتب الوكالة فشهد له سيده لم تقبل ولو شهد له ابنا سيده أو أبواه قبلت عندنا خلافا للعامة ولو أعتق العبد وأعاد السيد الشهادة احتمل عدم القبول لأنها ردت للتهمة والقبول لأنها ردت للملك لا للتهمة وقد زال المانع وللشافعية قولان مسألة لو حضر رجل وادعى على غايب مالا في وجه وكيله فأنكره فأقام بينة بما أدعاه حلفه الحاكم وحكم له بالمال فإذا حضر الموكل وجحد الوكالة أو ادعى انه كان قد عزله لم يؤثر ذلك في الحكم لان القضاء على الغايب لا يفتقر إلى حضور وكيله ولو قال له بع هذا الثوب بعشرة فما زاد عليه فهو لك فمال الجعالة هنا مجهول فيبطل المسمى ويثبت له أجرة المثل ولا يلزم ما عينه له وبه قال الشافعي وقال احمد يصح ويكون للمأمور الزائد لان ابن عباس كان لا يرى بذلك بأسا ولأنه يتصرف في مال باذنه فصح شرط الربح له كالمضارب والعامل في المساقاة والفرق تعذر تعيين الأجرة في المضارب والمساقي بخلاف الدلالة مسألة لو ادعى الوكالة على الغايب وأقام شاهدان وثبتت عند الحاكم وثبت الحق لموكله فادعى من عليه الحق ان الموكل
(١٤٣)