قوليه واحمد لان الوكيل قبل عقدا لغيره فوجب ان ينتقل الملك إلى ذلك الغير دونه كالأب والوصي وقال أبو حنيفة يقع للوكيل أولا ثم ينتقل إلى الموكل لان حقوق العقد يتعلق بالوكيل بدليل انه لو اشتراه بأكثر من ثمنه دخل في ملكه ولم ينتقل إلى ملك الموكل ولان الخطاب انما جرى مع الوكيل واحكام العقد تتعلق به ونمنع تعلق حقوق العقد بالوكيل والخطاب وقع له على سبيل النيابة للغير وينتقض ما ذكره بشراء الأب للطفل ابتداء ثم نقول لو ثبت الملك للوكيل لكان إذا وكله في شراء أب الوكيل فاشتراه وجب ان يعلق عليه لدخوله في ملكه وليس كذلك بل يملكه الموكل وألزمت بعض الحنفية بذلك فأجاب بأنه في الزمن الأول يقع للوكيل وفي الزمن الثاني ينتقل إلى الموكل فألزمته بأنه بم يرجح الانتقال في الزمن الثاني إلى الموكل دون العتق مسألة إذا وكل المسلم ذميا في شراء خمر أو خنزير فاشتراه له لم يصح الشراء عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي واحمد لان كل ما لا يجوز للمسلم العقد عليه بنفسه لا يجوز ان يوكل فيه الذمي كالعقد على المجوسية وبهذا خالف سائر الأموال وقال أبو حنيفة يصح ويقع للمسلم لان الخمر مال للذمي لان أهل الذمة يتمولونها ويتبايعونها فصح توكيلهم فيها كسائر أموالهم وهو باطل فان المسلم لا يصح ان يملك الخمر سواء باشر شرائها بنفسه أو بوكيله وأي سبب اقتضى تجويز التمليك إذا اشتراها الذمي وإذا باع الوكيل بثمن معين ملك الموكل الثمن دون الوكيل لأنه بمنزلة المبيع ولو كان الثمن في الذمة فالملك للموكل أيضا لكن له وللوكيل معا المطالبة به وقال أبو حنيفة ليس للموكل المطالبة وقد سبق واما ثمن ما اشتراه إذا كان في الذمة فإنه تثبت في ذمة الموكل أصلا وإذا علم البايع ان الملك للموكل له مطالبة الوكيل انما يطالب الموكل خاصة عندنا وقال بعض العامة ان الثمن يثبت في ذمة الوكيل تبعا وللبايع مطالبة من شاء منهما فان أبراء الوكيل لم يبرأ الموكل وان أبراء الموكل برئ الوكيل أيضا وان دفع الثمن إلى البايع فوجد به عيبا فرده على الوكيل كان أمانة في يده وهو من ضمان الموكل ولو وكل رجل غيره حتى يستسلف له ألفا في كر طعام ففعل ملك الموكل الثمن وعليه عهدة الطعام دون الوكيل وقال بعض العامة يكون الوكيل ضامنا عن موكله وليس بشئ مسألة إذا وكله في عقد كبيع أو شراء تعلق احكام العقد من رؤية المبيع أو المشترى بالوكيل دون الموكل حتى يعتبر رؤية المبيع للوكيل دون الموكل ويلزم العقد بمفارقة الوكيل مجلس العقد ولا يلزم بمفارقة الموكل إن كان حاضرا فيه وتسليم رأس المال في السلم والتقابض حيث يشترط التقابض يعتبر ان قبل مفارقة الوكيل والفسخ بخيار المجلس والرؤية يثبت للوكيل والأقرب انه يثبت للموكل وقال بعض الشافعية يثبت للوكيل دون الموكل حتى لو أراد الموكل الإجازة كان للوكيل ان يفسخ وليس بجيد وفرقوا بينه وبين خيار العيب حيث قالوا لا رد للوكيل إذا رضي الموكل مسألة إذا اشترى الوكيل بثمن معين فإن كان في يده طالبه البايع به والا طالب الموكل لان الملك يقع له وان اشترى في الذمة فإن كان الموكل قد سلم إليه ما يصرفه إلى الثمن طالبه البايع أيضا وان لم يسلم فان أنكر البايع كونه وكيلا أو قال لا أدري هل هو وكيل أم لا ولا بينة طالبه وان اعترف بوكالته فالمطالب بالثمن الموكل لا غير لوقوع الملك له والوكيل سفير بينهما ومعين للموكل فلا يغرم شيئا وهو أحد وجوه الشافعية والثاني ان البايع مع تصديق الوكالة يطالب الوكيل لا غير لان احكام العقد يتعلق به والالتزام وجد منه والثالث انه يطالب من شاء منهما نظرا إلى المعنيين والمعتمد الأول مسألة قد بينا ان المطالبة مع علم البايع بالوكالة انما تتوجه إلى الموكل وقال بعض الشافعية المطالبة للوكيل خاصة فعلى قوله هل للوكيل مطالبة الموكل قبل ان يغرم فيه للشافعية وجهان لان بعضهم قال يثبت الثمن للبايع على الوكيل وللوكيل مثله على الموكل بناء على أن الوكيل يثبت الملك له ثم ينتقل إلى الموكل فعلى هذا للوكيل مطالبته بما ثبت له وان لم يؤد ما عليه وقال آخرون ينزل الوكيل منزلة المحال عليه الذي لا دين عليه وعلى هذا ففي رجوعه قبل الغرم وجهان كالمحال عليه والأصح عندهم المنع فإذا غرم الوكيل للبايع فقياس تنزيله منزلة المحال عليه الذي لا دين عليه الخلاف المذكور في الحوالة والمذهب عندهم القطع بالرجوع ولا لخرج المبيع ان يكون مملوكا للموكل بالعوض وفي ذلك تغيير لوضع العقد وهذا ساقط عندنا لان البايع يطالب الموكل خاصة مسألة على قول القائلين بمطالبة البايع من شاء من الوكيل أو الموكل فالوكيل كالضامن والموكل كالمضمون عنه فيرجع الوكيل إذا غرم والقول في اعتبار شرط الرجوع وفي انه يطالبه بتخليصه قبل الغرم كما سبق في الضمان وقد فرع ابن شريح على الخلاف في المسألة فقال لو سلم دراهم إلى الوكيل ليصرفها إلى الثمن الملتزم في الذمة ففعل ثم ردها البايع بعيب فان قلنا بان البايع يطالب الموكل أو يطالب من شاء فعلى الوكيل رد تلك الدراهم بأعيانها إلى الموكل وليس له امساكها أو ابدالها وان قلنا يطالب الوكيل فله ذلك لان ما دفعه الموكل إليه على هذا الوجه كأنه اقرضه منه ليبرأ به ذمته فأعاد إليه فهو ملكه وللمقترض امساك ما استقرضه ورد مثله واعلم أنه لا خلاف في أن للوكيل ان يرجع على الموكل في الجملة وانما الكلام في أنه متى يرجع وبأي شرط يرجع وإذا كان كذلك توجه ان يكون تسليم الدراهم دفعا لمؤنة التراجع لا اقراضا مسألة الوكيل بالبيع إذا قبض الثمن إما بإذن صريح أو بالاذن في البيع على رأي جماعة من العامة وتلف المقبوض في يده ثم خرج المبيع مستحقا والمشتري معترف بالوكالة فحق رجوعه على الموكل عندنا لان الوكيل واسطة بينهما وقال بعض الشافعية حق الرجوع بالثمن يكون على الوكيل لأنه الذي تولى القبض وحصل التلف في يده وقال بعضهم كما قلناه من أنه يرجع على الموكل لان الوكيل سفير ويده يد موكل وقال بعضهم يرجع على من شاء كما تقدم فان قلنا حق الرجوع على الموكل فإذا غرم لم يرجع على الوكيل لأنه أمينه فلا يضمن وقال بعض الشافعية إذا قلنا إن حق الرجوع على الموكل إذا رجع على الموكل رجع الموكل على الوكيل لان التلف في يده وهو مسلم لكن لا يجب عليه الضمان كما لو تلف في يد الموكل لان يد الوكيل في الحقيقة هي يد الموكل وان جعلنا حق الرجوع على الوكيل فغرم يرجع على الموكل وإذا قلنا يرجع من شاء منهما فثلاثة أوجه أشهرها عندهم انه ان غرم الموكل لم يرجع على الوكيل وان غرم الوكيل رجع على الموكل لان الموكل قد غر الوكيل والمغرور يرجع على الغار دون العكس والثاني ان واحدا منهما لا يرجع على الأخر إما الموكل فلانه غار واما الوكيل فلحصول التلف في يده والثالث ان الموكل يرجع على الوكيل دون العكس لحصول التلف في يد الوكيل الذي يفتي به عندهم من هذه الاختلافات ان المشتري يغرم من شاء منهما والقرار على الموكل وأما عندنا فمع تصديق الوكالة يرجع على الموكل خاصة سواء تلف بتفريط من الوكيل أو لا الا انه إذا فرط الوكيل كان له ان يرجع عليه ولا يرجع هو على الموكل لان التلف حصل بتفريطه فكان ضامنا وان رجع على الموكل رجع الموكل على الوكيل وانما كان له ان يرجع على الموكل لأنه سلط الوكيل على القبض منه وإن كان التلف بغير تفريط من الوكيل لم يضمن ولا يرجع المشتري عليه بالثمن وإن كان جاهلا بالوكالة كان له ان يرجع على الوكيل لأنه القابض ولو قامت بينة الوكالة سقط رجوعه عليه وكان له الرجوع على الموكل خاصة ولو اعترف الموكل بالوكالة لم يسقط رجوعه على الوكيل لامكان تواطئهما على اسقاط حق المشتري من مطالبة الوكيل لكن له الرجوع على من شاء منهما مسألة إذا وكله في شراء عين فاشتراها وقبض الوكيل العين وتلفت في يده بغير تفريط ثم ظهر انه كان المبيع مستحقا بغير البايع فللمستحق مطالبة البايع بقيمة المبيع ان لم يكن مثليا أو كان وتعذر المثل وبالمثل
(١٣١)