انها استيفاء حق صح كأنه أخذ المحتال حقه واقرضه من المحال عليه قال الجويني الصحيح عندي تخريج الخلاف في أنه هل يصح الضمان بشرط براءة الأصيل بل هنا الصورة غير تلك الصورة فان الحوالة تقتضي براءة المحيل فإذا قبل الحوالة فقد التزم على أن يبرأ المحيل وهذا ذهاب منه إلى براءة المحيل وجعلها أصلا مفروغا عنه لكن للشافعية وجهان أحدهما انه يبرأ على قياس الحوالات والثاني وبه قال أكثرهم انه لا يبرأ وقبول الحوالة ممن لا دين عليه ضمان مجرد ثم فرعوا فقالوا ان قلنا لا تصح هذه الحوالة فلا شئ على المحال عليه فان تطوع وأداه كان كما لو قضى دين الغير وان قلنا يصح فهو كما لو ضمنه فيرجع على المحيل ان أدى باذنه وكذا ان أدى بغير إذنه عندنا وعلى أظهر الوجهين عند الشافعية (بجريان)؟ الحوالة باذنه وللمحال عليه الرجوع على المحيل هنا قبل الأداء وهو أحد وجهي الشافعية لان المحيل يبرء فينتقل الحق إلى ذمة المحال عليه بمجرد الحوالة والثاني ليس له ذلك بناء على أن المحيل لا يبرئ كما أن الضامن لا يرجع على المضمون عنه قبل الأداء وإذا طالبه المحتال بالأداء فله مطالبة المحيل بتخليصه وهل له ذلك قبل مطالبة المحتال الأقوى عندي ذلك وللشافعية وجهان كالوجهين في مطالبة الضامن ولو أبرأه المحتال لم يرجع على المحيل بشئ ولو قبضه المحتال ثم وهبه منه فالأقوى الرجوع لأنه قد غرم عنه وانما عاد المال إليه بعقد مستأنف وللشافعية وجهان ينظر في أحدهما إلى أن الغرم لم يستقر عليه فلم يغرم عنه في الحقيقة شيئا وفي الثاني إلى أنه عاد إليه بتصرف مبتدء وهما مأخوذان من القولين فيما إذا وهبت منه الصداق بعد القبض ثم طلقها قبل الدخول ولو ضمن عنه ضامن لم يرجع على المحيل حتى يأخذ المحتال المال منه أو من ضامنه ولو أحال المحتال على غيره نظر ان أحاله على من عليه دين رجع على محيله بنفس الحوالة لحصول الأداء بها وان أحال على من لا دين عليه لم يرجع على الذي احاله عليه مسألة الأقوى عندي انه لا يشترط في الدين المحال به اللزوم وهو أصح وجهي الشافعية كما لو أحال بالثمن في مدة الخيار بان يحيل المشتري البايع على رجل أو يحيل البايع رجلا على المشتري ولأنه صاير إلى اللزوم والخيار عارض فيه فيعطى حكم اللازم والثاني لهم المنع لأنه ليس بلازم وهو مصادرة على المطلوب قال بعض الشافعية هذا الخلاف مبني على أن الحوالة معاوضة أو استيفاء ان قلنا معاوضة فهي كالتصرف في المبيع في زمان الخيار وان قلنا استيفاء فيجوز قالوا فان قلنا بالمنع ففي انقطاع الخيار وجهان أحدهما انه لا ينقطع لحكمنا ببطلانه وتنزيلنا إياه منزلة العدم والثاني نعم لان التصرف في عوض العقد يتضمن الرضا بابطال الخيار فان قلنا بالجواز لم يبطل الخيار عند بعضهم وقال آخرون يبطل لان قضيته الحوالة ولو بقي الخيار لما صادفت الحوالة مقتضاها وكانت هذه الحوالة كالحوالة على النجوم والأقوى بقاء الخيار مسألة إذا وقعت الحوالة بالثمن المتزلزل بالخيار ثم إن فسخ البيع بفسخ صاحب الخيار وبطل الثمن وبطلت الحوالة المترتبة عليه فلو أحال البايع على المشتري بالثمن رجلا له عليه دين ثم فسخ المشتري بالخيار بطلت الحوالة لأنها فرع البيع والبيع قد بطل وعندي فيه نظر لان البيع لم يبطل من أصله وانما تجدد له البطلان فلا يؤثر في الحوالة التي جرت منهما ولو أحال المشتري البايع على غيره ثم فسخ البيع بالخيار بطلت الحوالة لترتبها على البيع والبيع قد بطل ويحتمل قويا عدم بطلان الحوالة وعلى قول الشافعية ببطلان الخيار لو أحال المشتري البايع على ثالث يبطل خيارهما جميعا لتراضيهما ولو أحال البايع رجلا على المشتري لم يبطل خيار المشتري الا ان يقبل ويرضى بالحوالة مسألة لو أحال زيد على عمرو بكرا بمال فأداه عمرو بعد قبول الثلاثة الحوالة إلى بكر ثم جاء عمرو يطالب زيدا بما أداه بحوالته إلى بكر فادعى زيد انه انما أحال بماله عليه وأنكر عمرو ذلك وانه احتال ولا شئ لزيد عليه كان القول قول عمرو لأصالة براءة ذمته ويحتمل ان يقال إن قلنا بصحة الحوالة على من لا مال عليه كان القول قول المحال عليه قطعا وان قلنا إنها لا تصح كان القول قول المحيل لاعترافهما بالحوالة وادعاء المحال عليه بطلانها والأصل الصحة مسألة لو أحال السيد على مكاتبه بمال النجوم فإن كان بعد حلوله صح لثبوته في ذمة المكاتب وإن كان قبل الحلول فكذلك على الأقوى ويجئ على قول الشيخ رحمه الله المنع لان مال الكتابة غير واجب عنده على المكاتب إذ له ان يعجز نفسه فله ان يمتنع من أدائه فللشافعية وجهان فيما إذا أحال السيد غيره على مكاتبه بالنجوم أحدهما الجواز كما قلناه لان النجوم دين ثابت على المكاتب فأشبه ساير الديون وأصحهما عندهم المنع لان النجوم غير لازمة على المكاتب وله اسقاطها متى شاء فلا يمكن الزامه الدفع إلى المحتال وعلى ما اخترناه من صحة الحوالة لو أعتق السيد المكاتب بطلت الكتابة ولم يسقط عن المكاتب مال الحوالة لان المال بقبوله صار لازما له للمحتال ولا يضمن السيد ما يغرمه من مال الحوالة ولو كان للسيد عليه دين معاملة غير مال الكتابة صحت الحوالة به قطعا لان حكمه حكم الأحرار في المداينات وقال بعض الشافعية انه مبني على أن المكاتب لو عجز نفسه هل يسقط ذلك الدين ان قلنا نعم لم تصح الحوالة والا صحت والمعتمد ما قلناه وهو قول أكثر الشافعية وقول أكثر العامة ولو أحال المكاتب السيد على انسان بمال الكتابة صحت الحوالة عندنا وعند أكثر الشافعية وأكثر المانعين من حوالة السيد عليه بالنجوم وتبرأ ذمة المكاتب من مال الكتابة ويتحرر ويكون ذلك بمنزلة الأداء سواء أدى المحال عليه أو مات مفلسا لان ما احاله عليه مستقر والكتابة لازمة من جهة السيد فمتى أدى المحال عليه وجب على السيد القبول أو الابراء وقال بعض الشافعية لا تصح هذه الحوالة أيضا فللشافعية اذن ثلاثة أقوال في الجمع بين الصورتين أحدهما جواز إحالة المكاتب بالنجوم وإحالة السيد على النجوم وهو قول ابن شريح والثاني منعهما جميعا والثالث أظهرهما عندهم وهو جواز إحالة المكاتب بها ومنع إحالة السيد عليها ولو أحال السيد بأكثر مال الكتابة ثم أعتقه سقط عن المكاتب الباقي ولم تبطل الحوالة مسألة مال الجعل في الجعالة ان استحق بالعمل صحت الحوالة به اجماعا وان لم يشرع في العمل فالأقرب الجواز لأنا نجوز الحوالة على برئ الذمة وقياس الشافعية انه يجئ في الحوالة به وعليه الخلاف المذكور في الرهن به وفي ضمانه وقال بعض الشافعية تجوز الحوالة به وعليه بعد العمل لا قبله ولو أحال من عليه الزكاة الساعي على انسان بالزكاة جاز سواء قلنا إن الحوالة استيفاء أو اعتياض لأنه دين ثابت في الذمة فجازت الحوالة وعندنا يجوز دفع قيمة الزكاة عن عينها فجاز الاعتياض فيها أما الشافعية فإنهم منعوا من دفع القيمة في الزكاة ومن الاعتياض عنها فهنا قالوا إن قلنا إن الحوالة استيفاء صحت الحوالة هنا وان قلنا إنها اعتياض لم يجز لامتناع اخذ العوض عن الزكاة ولو أحال الفقير المديون صاحب دينه بالزكاة على من وجبت عليه لم تصح لأنها لم تتعين له الا بالدفع إليه ولو قبل من وجبت عليه صح ولزمه الدفع إلى المحتال مسألة يجوز الحوالة بكل مال لازم ثابت في الذمة معلوم لأنها إما اعتياض ولا يصح على المجهول كما لا يصح بيعه وإما استيفاء وانما يمكن استيفاء المعلوم أما المجهول فلا ولاشتماله على الغرر فلو قال أحلتك بكل مالك علي فقبل لم يصح ويحتمل الصحة ويكون على المحال عليه للمحتال كلما تقوم به البينة كما قلناه في الضمان ولا يشترط اتفاق الدينين في سبب الوجوب فلو كان أحدهما ثمنا والاخر اجرة أو قرضا أو بدل متلف أو أرش جناية وما أشبهه جازت الحوالة ولا نعلم فيه خلافا مسألة تصح الحوالة بكل دين ثابت في الذمة سواء كان مثليا كالذهب والفضة والحبوب والادهان أو من ذوات القيم كالثياب والحيوان وغيرهما وهو أصح وجهي الشافعية لأنه حق لازم ثابت في الذمة فأشبه ما له مثل والثاني المنع لان الغرض من الحوالة ايصال الحق إلى مستحقه من غير تفاوت وهذا الغرض لا يتحقق فيما
(١٠٧)