ومجرد إفادته فائدة غيره لا يستلزم فرعيته عليه.
وذهب الشيخ في المبسوط إلى أنه فرع على عقود خمسة، فجعله فرع البيع إذا أفاد نقل الملك بعوض معلوم، وفرع الإجارة إذا وقع منفعة مقدرة بمدة معلومة بعوض معلوم، وفرع الهبة إذا تضمن ملك العين بغير عوض، وفرع العارية إذا تضمن إباحة منفعة بغير عوض، وفرع الابراء إذا تضمن اسقاط دين أو بعضه.
والأصحاب ردوه بأن إفادة عقد فائدة عقد آخر لا تقتضي كونه من أفراده، مع دلالة الدليل على استقلاله بنفسه، كغيره من العقود.
ويظهر الفرق بين القولين: أنه على المشهور عقد لازم لدخوله في عموم الأمر بالوفاء بالعقود، وعلى قول الشيخ يلحقه حكم ما ألحق به من العقود في ذلك الفرد الذي ألحق به.
أقول: لا يخفى أن ما ذهب إليه الشيخ هنا قد تبع فيه الشافعي حسبما نقل عنه، قال في التذكرة: الصلح عند علمائنا أجمع عقد قائم بنفسه، ليس فرعا على غيره، بل أصل في نفسه، منفرد في حكمه، ولا يتبع غيره في الأحكام، لعدم الدليل على تبعية الغير، والأصل في العقود الأصالة.
وقال الشافعي: إنه ليس بأصل منفرد بحكمه، وإنما هو فرع على غيره، وقسمه على خمسة أضرب، ضرب فرع البيع، وهو أن يكون في يده عين أو في ذمته دين فيدعيها انسان فيقر له بها ثم يصالحه على ما يتفقان عليه، وهو جائز فرع على البيع، بل هو بيع عنده، يتعلق به أحكامه.
وضرب هو فرع الابراء والحطيطة، وهو أن يكون له في ذمته دين فيقر له به ثم يصالحه على أن يسقط بعضه، ويدفع إليه بعضه وهو جائز وهو فرع الابراء.
وضرب هو فرع الإجارة، وهو أن يكون له عنده دين أو عين فصالحه عن ذلك على خدمة عبد أو سكنى دار فيجوز ذلك ويكون فرع الإجارة.
وضرب هو فرع الهبة، وهو أن يدعي دارين أو عبدين وشبههما فيقر له بهما ويصالحه من ذلك على إحديهما، ويكون هبة للأخرى.
وضرب هو فرع العارية، وهو أن يكون في يده دار فيقر له بها ويصالحه