بلبنها وصوفها وهي المنحة، وذلك لاقتضاء الحكمة إباحته، لأن الحاجة تدعو إلى ذلك، والضرورة تبيح مثل هذه الأعيان كما في استيجار الظئر.
وقد روى العامة عن النبي (1) (صلى الله عليه وآله) أنه قال: " المنحة مردودة " والمنحة هي الشاة.
ومن طرق الخاصة ما رواه الحلبي (2) في الحسن عن مولانا الصادق (عليه السلام):
" في الرجل يكون له الغنم يعطيها بضريبة سمنا شيئا معلوما أو دراهم معلومة من كل شاة كذا وكذا في كل شهر، قال: لا بأس بالدراهم ولست أحب أن يكون بالسمن ".
وفي الصحيح عن عبد الله بن سنان (3) " أنه سأل الصادق (عليه السلام) عن رجل دفعه إلى رجل غنمه للسمن ودراهم معلومة لكل شاة كذا وكذا في كل شهر، قال:
لا بأس بالدراهم فأما السمن فلا أحب ذلك، إلا أن يكون حوالب فلا بأس "، وإذا جاز ذلك مع العوض فبدونه أولى، انتهى.
أقول: قد قدمنا الكلام على هذه الأخبار، وبيان ما اشتملت عليه من الحكم المذكور في المسألة الرابعة من الفصل الحادي عشر من كتاب التجارة (4).
وظاهر العلامة هنا حملها على العارية، مع أنه في المختلف بعد أن رد على ابن إدريس في انكاره هذه المعاملة، ومنعها حيث أنها ليست بيعا ولا إجارة، قال: والتحقيق أن هذا ليس ببيع، وإنما هو نوع معاوضة ومراضاة غير لازمة، بل سائغة ولا منع في ذلك، انتهى.
على أن بعض الأخبار المشار إليها قد اشتمل على البقر أيضا كما قدمنا ثمة وهو لا يقول به، والظاهر منها أيضا بعد ضم بعضها إلى بعض أن المنافع التي يستوفيها الراعي فيها إنما هو في مقابلة رعيها وحفظها وحراستها.