وعن الثاني أن التنصيف ثابت مع عدم التصرف لتساوي نسبتهما إليه، كما لو تداعيا عينا في يدهما أو يد ثالث لا يعترف لأحدهما، فإنهما متساويان في الدعوى لعدم اليد، أو لثبوتها لهما أما في صورة النزاع فإن يد أحدهما ثابتة عليه، فكان قوله مقدما، والأصل وضع الجذوع بحق، فلا يطالب صاحبها بإقامة البينة على ذلك، إلا أن يثبت الآخر دعواه، والأصل عدم العارية، والتخريج على المذهب الفاسد فاسد، انتهى كلامه (زيد مقامه) وهو جيد، ولو تفرقت هذه المرجحات بأن كان لأحدهما بعض، وللآخر بعض، بأن كان البناء متصلا ببناء كل منهما، أو اختص أحدهما بالجذوع والآخر بالقبة أو الغرفة، أو نحو ذلك حكم باليد لهما، فيرجع الكلام إلى ما تقدم من اختصاص الحالف مع نكول الآخر، أو القسمة بينهما مع حلفهما أو نكولهما.
قالوا: ولا يرجع دعوى أحدهما بالخوارج التي في الحيطان، وهو كل ما خرج عن وجه الحائط من نقش ووتد ورف ونحو ذلك، لامكان احداثه من جهته من غير شعور صاحب الجدار به، ونحوها أيضا الدواخل في الجدار كالطاقات غير النافذة، والروازن النافذة لما ذكر، وفيه على اطلاقه تأمل.
الرابع - الظاهر أنه لا خلاف بينهم في أنه لو انهدم الجدار المشترك وأراد أحد الشريكين عمارته دون الآخر، فإنه لا يجبر الممتنع على المشاركة في عمارته، وعللوه بأن الانسان لا يجب عليه عمارة ماله.
وإنما يبقى الكلام في موضعين: أحدهما - أنه لو أراد أحد الشريكين عمارته فهل يتوقف على إذن شريكه الممتنع؟ أم يجوز البناء وإن نهاه؟ قولان: وعلل الأول بأنه مال مشترك، فيمتنع التصرف فيه بدون إذن الشريك، كما في جميع المشتركات، وعلل الثاني بأنه نفع واحسان في حق الشريك حيث يعمر له حائطه ولا يغرمه في نفقته، ولا ضرر عليه بوجه، ونقل هذا القول عن الشيخ، وفي المسالك قوى الأول.
وفي الحكم بقوته على اطلاقه اشكال، لأنه ربما يتضرر الشريك بترك عمارته