أقول: ويمكن أن يكون منعه من الصلح على السقي المذكور من حيث عدم الضبط بالمدة، فإنهم إنما جو زوا ذلك مع الضبط بها، ويدل عليه اطلاق كلامه، فإنه لا دلالة فيه على المنع مع الضبط، بالمدة ليتجه نسبة الخلاف إليه في المقام.
وبالجملة فإنه يمكن تخصيصه المنع هنا بغير المضبوط، فيكون موافقا لما ذكروه، والاعتراض عليه - بأنه صرح بجواز بيع ماء العين والبئر وجزء مشاع منه وجوز جعله عوضا للصلح - يمكن دفعه بأن الماء في صورة محل البحث مجهول لا يدخل في أحد الأقسام المذكورة، لأنه يستحق بالصلح جميع الماء، ولا بعضا منه معينا، وإنما استحق سقيا لا يعرف قدره، ولا مدة انتهائه، ومن ثم شرطوا في الجواز ضبط المدة، وهو لم يصرح بالمنع مع الضبط كما عرفت.
يبقى الكلام فيما لو تعلق الصلح بسقي شئ مضبوط دائما أو بالسقي بالماء أجمع دائما وإن جهل السقي، ونفى البعد عن الصحة شيخنا الشهيد الثاني في المسالك والروضة، للتسامح بذلك في باب الصلح، وهو غير بعيد لما قدمناه وذكره غير واحد من الأصحاب من أن مبنى الصلح على المساهلة والمسامحة.
قالوا: وكذا يصح الصلح على اجراء الماء على سطحه أو ساحته بعد العلم بالموضع الذي يجري فيه الماء، بأن يعرف مجراه طولا وعرضا، ليرتفع الجهالة عن المحل المصالح عليه، ولا يعتبر تعين العمق، لأن من ملك شيئا ملك قراره إلى تخوم الأرض، ولا فرق في ذلك بين جعله عوضا بعد المنازعة وبين ايقاعه ابتداء، وقد أطلق جملة منهم حكم الماء من غير أن يشترطوا مشاهدته ليرتفع الغرر، وقيد آخرون بمشاهدته أو وصفه خروجا من الغرر، لاختلاف الحال بقلته وكثرته، فقد يتعلق الغرض بأحدهما دون الآخر، ولو سقط السطح بعد الصلح أو احتاجت الساقية إلى اصلاح فعلى مالكهما، لتوقف الحق عليه، وليس على المصالح مساعدته.
المسألة الحادية عشر - الظاهر أنه لا خلاف في أنه لو قال المدعى عليه:
صالحني عليه فإن ذلك لا يكون اقرارا بالملك، لأن الصلح يصح مع الانكار،