شخص حصته من مال مشترك بينه وبين غيره كالنصف مثلا فإنه بمقتضى تقريرهم لم ينصرف إلى ماله، بل إلى النصف المعلوم المشاع مطلقا بينه وبين شريكه، فيكون المبيع ربع البايع وربع الشريك، وهم لا يقولون به في البيع، ولا في الصلح، بل يخصونه ب نصف البايع والمصالح، وإنما ينزل على الإشاعة الاقرار، فلو أقر بالنصف للغير يكون اقرارا بربعه وربع الشريك، ووجه الفرق بين الأمرين أن البايع إنما يبيع مال نفسه، ولا يصح بيع مال غيره إلا فضولا على القول به، أو وكالة، وهما منتفيان هنا، فينصرف إلى ماله كما هو المتبادر والمتعارف، بخلاف الاقرار فإنه كالشهادة بأنه للغير، وهو قد يكون في ماله، وقد يكون في مال غيره، فهنا ينبغي أن يكون ما يصالح عليه هو نصف المقر به، وهو الربع بالنسبة إلى المجموع، فيكون العوض كله له، لا أنه يكون أنصافا كما ذكروه، والنزاع يبقى للشريك الآخر مع المدعى عليه.
هذا إذا كان الصلح على النصف مطلقا، أو على النصف الذي هو ملك المقر له، وأما إذا صالح المقر له على النصف الذي أقر له به كان الصلح هنا منزلا على الإشاعة، لأنه تابع للاقرار المنزل على ذلك كما عرفت، فيكون قول الجماعة متجها على هذا الوجه، وعلى هذا ينبغي حمل كلامهم، هذا حاصل ما ذكره (قدس سره).
وفيه أولا أن الظاهر أن قول الجماعة - بأن اطلاق البيع والصلح إنما ينصرف إلى ملك البايع والمصالح دون الشايع - إنما هو في المال المشترك الخالي عن النزاع، والقاعدة المذكورة إنما هي بالنسبة إلى ذلك، وما نحن فيه ليس كذلك لوجود النزاع وعدم ثبوت نصف خالص للمصالح، بل الثابت له بحسب الشرع إنما هو الربع كما عرفت، لأن الفرض أن ما اعترف به المدعى عليه، مشترك بينه وبين شريكه بحسب نفس الأمر، وظاهر الشرع من حيث اقرارهما بموجب الشركة، ولا نزاع في أن ما أقر به المدعى عليه مشترك بينه وبين شريكه، فهو إنما صالح على ربعه وربع شريكه، إذ ليس نصف المصالح عليه إلا ذلك، وبه يظهر أن ما نحن فيه ليس من جزئيات القاعدة المذكورة، ولا من أفرادها لتحصيل المنافاة