بصائر الدرجات: عن مرازم قال: دخلت المدينة فرأيت جارية في الدار التي نزلتها فعجبتني، فأردت أن أتمتع منها، فأبت أن تزوجني نفسها. قال: فجئت بعد العتمة فقرعت الباب، فكانت هي التي فتحت لي، فوضعت يدي على صدرها، فبادرتني حتى دخلت، فلما أصبحت دخلت على أبي الحسن (عليه السلام)، فقال: يا مرازم ليس من شيعتنا من خلا ثم لم يرع قلبه (1).
صفات الشيعة: عن أبي بصير قال: قال الصادق (عليه السلام): شيعتنا أهل الورع والاجتهاد، وأهل الوفاء والأمانة، وأهل الزهد والعبادة، أصحاب إحدى وخمسين ركعة في اليوم والليلة، القائمون بالليل، الصائمون بالنهار، يزكون أموالهم، ويحجون البيت، ويجتنبون كل محرم (2).
منه، عن أبي العباس الدينوري، عن محمد بن الحنفية قال: لما قدم أمير المؤمنين (عليه السلام) البصرة بعد قتال أهل الجمل دعاه الأحنف بن قيس واتخذ له طعاما، فبعث إليه وإلى أصحابه فأقبل ثم قال: يا أحنف ادع لي أصحابي، فدخل عليه قوم متخشعون كأنهم شنان بوالي. فقال الأحنف بن قيس: يا أمير المؤمنين ما هذا الذي نزل بهم؟ أمن قلة الطعام، أو من هول الحرب؟
فقال: لا يا أحنف إن الله سبحانه أجاب أقواما تنسكوا له في دار الدنيا تنسك من هجم على ما علم من قربهم من يوم القيامة، من قبل أن يشاهدوها، فحملوا أنفسهم على مجهودها، وكانوا إذا ذكروا صباح يوم العرض على الله سبحانه توهموا خروج عنق يخرج من النار يحشر الخلائق إلى ربهم تبارك وتعالى، وكتاب يبدوا فيه على رؤوس الأشهاد فضائح ذنوبهم، فكادت أنفسهم تسيل سيلانا أو تطير قلوبهم بأجنحة الخوف طيرانا، وتفارقهم عقولهم إذا غلت بهم مراجل المجرد إلى الله سبحانه غليانا. فكانوا يحنون حنين الواله في دجى الظلم، وكانوا يفجعون من خوف ما أوقفوا عليه أنفسهم، فمضوا ذبل الأجسام، حزينة قلوبهم، كالحة وجوههم، ذابلة شفاههم، خامصة بطونهم، تراهم سكارى سمار