حين نزل بساحته، ولم يألوا حفظ نفسهم والنظر لما يوافقها، كم من مريض قد زاده المعالج سقما، وكم من طبيب عالم وبصير بالأدواء والأدوية ماهر مات وعاش الجاهل بالطب بعده زمانا، فلا ذاك نفعه علمه بطبه عند انقطاع مدته وحضور أجله ولا هذا ضره الجهل بالطب مع بقاء المدة وتأخر الأجل.
ثم قال (عليه السلام): إن أكثر الأطباء قالوا: إن علم الطب لم يعرفه الأنبياء، فما نصنع على قياس قولهم بعلم زعموا ليس تعرفه الأنبياء الذين كانوا حجج الله وأمناءه في أرضه وخزان علمه وورثة حكمته والأدلاء عليه والدعاة إلى طاعته؟ ثم إني وجدت أكثرهم يتنكب في مذهبه سبل الأنبياء ويكذب الكتب المنزلة عليهم من الله تعالى، فهذا الذي أزهدني في طلبه وحامليه.
قال: فكيف تزهد في قوم وأنت مؤدبهم وكبيرهم؟ قال: إني لما رأيت الرجل منهم الماهر في طبه إذا سألته لم يقف على حدود نفسه، وتأليف بدنه وتركيب أعضائه، ومجرى الأغذية في جوارحه ومخرج نفسه، وحركة لسانه ومستقر كلامه، ونور بصره، وانتشار ذكره، واختلاف شهواته، وانسكاب عبراته، ومجمع سمعه، وموضع عقله، ومسكن روحه، ومخرج عطسته، وهيج غمومه، وأسباب سروره، وعلة ما حدث فيه من بكم وصمم وغير ذلك، لم يكن عندهم في ذلك أكثر من أقاويل استحسنوها وعلل فيما بينهم جوزوها، ثم سئل عن مصالح المؤذيات، فأجاب (عليه السلام) بفوائدها وخواصها (1).
العلوي (عليه السلام): كن كالطبيب الرفيق الذي يدع الدواء بحيث ينفع (2).
وذكر في أول كتاب طب الأئمة، ثلاثة عشر رجلا ممن جمع أحاديث الطب في عصر الأئمة، ومن المتأخرين عن زمان الأئمة (عليهم السلام) ستة رجال.
طبر: باب الدلائل التي ذكرها شيخنا الطبرسي في إعلام الورى على