قال العلامة المجلسي في كتاب بيان الاعتقادات: ثم اعلم يا أخي، إن لكل عبادة روحا وجسدا، وظاهرا وباطنا، فظاهرها وجسدها الحركات المخصوصة، وباطنها الأسرار المقصودة منها والثمرات المترتبة عليها، وروحها حضور القلب والإقبال عليها وطلب حصول ما هو المقصود منها، ولا تحصل تلك الثمرات إلا بذلك كالصلاة التي هي عمود الدين، جعلها الله تعالى أفضل الأعمال البدنية، ورتب عليها آثارا عظيمة، قال الله تبارك وتعالى: * (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) *.
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الصلاة معراج المؤمن. ولا يترتب عليها تلك الثمرات إلا بحضور القلب التي هي روحها، إذا الجسد بلا روح لا يترتب عليه أثر، ولذا صلاتنا لا تنهانا عن الفحشاء والمنكر، ولا يحصل لنا بها العروج عن تلك الدركات الدنية إلى الدرجات العلية، فإن الصلاة معجون إلهي ومركب سماوي، إذا لوحظت فيها شرائط عملها ينفع لجميع الأمراض النفسانية والأدواء الروحانية، فيلزم أن يكون الإنسان متذكرا في كل فعل من أفعال الصلاة سر ذلك الفعل والغرض المقصود منه، ففي الدعوات المقدمة عليها إيناس للنفس التي استوحشت بسبب الاشتغال بالأمور الدنيوية، التي اضطر إليها الإنسان بحسب الحكم والمصالح، ليكون عند الشروع فيها مستأنسا بجنابه تعالى.
أقول: نعني بحضور القلب إحضاره حال الصلاة، وحال الذكر فيفرغ قلبه من غير ما هو مشتغل به، ويكون العلم بالقول مقرونا به، ولا يكون الفكر جاريا في غيره ولا يشتغل قلبه بغير الله تعالى ذكره. قال الإمام: من صلى ركعتين يعلم ما يقول فيهما غفر له.
الخصال: عن حمران بن أعين، عن مولانا الباقر (عليه السلام) قال: كان علي بن الحسين صلوات الله عليه يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة، كما كان يفعل أمير المؤمنين (عليه السلام) كانت له خمسمائة نخلة، فكان يصلي عند كل نخلة ركعتين، وكان إذا قام في صلاته غشي لونه لون آخر، وكان قيامه في صلاته قيام العبد