فقال: لا تقسم فسأنبئكم جميعا - ووضع يده على منكب همام - وقال: شيعتنا هم العارفون بالله، العاملون بأمر الله، أهل الفضائل، الناطقون بالصواب، مأكولهم القوت، وملبسهم الإقتصاد، ومشيهم التواضع، بخعوا الله تعالى بطاعته، وخضعوا له بعبادته، فمضوا غاضين أبصارهم عما حرم الله عليهم، واقفين أسماعهم على العلم بدينهم، نزلت أنفسهم منهم في البلاء، كالذي نزلت منهم في الرخاء، رضوا عن الله تعالى بالقضاء، فلولا الآجال التي كتب الله تعالى لهم لم تستقر أرواحهم في أبدانهم طرفة عين شوقا إلى لقاء الله والثواب وخوفا من أليم العقاب، عظم الخالق في أنفسهم، وصغر ما دونه في أعينهم، فهم والجنة كمن رآها، فهم على أرائكها متكئون، وهم والنار كمن رآها، فهم فيها معذبون، صبروا أياما قليلة، فأعقبتهم راحة طويلة، أرادتهم الدنيا فلم يريدوها، وطلبتهم فأعجزوها، أما الليل فصافون أقدامهم، تالون لأجزاء القرآن يرتلونه ترتيلا، يعظون أنفسهم بأمثاله، ويستشفون لدائهم بدوائه تارة، وتارة يفترشون جباههم وأكفهم وركبهم وأطراف أقدامهم، تجري دموعهم على خدودهم، يمجدون جبارا عظيما، ويجأرون إليه في فكاك أعناقهم.
هذا ليلهم، وأما نهارهم: فحلماء علماء بررة أتقياء - إلى أن قال: - لا يعمل شيئا من الخير رياء، ولا يتركه حياء أولئك شيعتنا وأحبتنا ومنا ومعنا، آها وشوقا إليهم.
فصاح همام صيحة، ووقع مغشيا عليه، فحركوه فإذا هو قد فارق الدنيا، فغسل وصلى عليه أمير المؤمنين (عليه السلام) ونحن معه، فشيعته هذه صفتهم، وهي صفة المؤمنين (1).
تحف العقول: ومن كلمات مولانا الصادق (عليه السلام) لابن جندب: يا ابن جندب، إنما شيعتنا يعرفون بخصال شتى (ثلاث - خ ل): بالسخاء والبذل للإخوان، وبأن