وقال الرضا (عليه السلام): فرق بين من جسمه وصوره وشيأه وبينه - أي الخلق - إذ كان لا يشبهه شئ - الخ (1).
فهذا المعنى الاسم المصدري الخالي عن هذا الوصف أعني الحقائق الخارجية والثابتات الواقعية التي يطلق عليها اسم الشئ، يطلق عليه سبحانه فهو شئ بحقيقة الشيئية لا كالأشياء، فإن الأشياء كائنات عن مشيته النافذة، والله كائن بنفسه فليس كمثله شئ.
وفي خطبة أمير المؤمنين (عليه السلام): ليس كمثله شئ إذ كان الشئ من مشيته، وكان لا يشبهه مكونه - الخ (2).
فلنصرف الكلام إلى البحث في أن مشيته تبارك وتعالى وإرادته من صفات الذات، فيكون مثل العلم والقدرة، أو أنهما من صفات أفعاله تعالى محدثتان، كالخالقية والرازقية.
فنقول - وبالله سبحانه التوفيق -: مقتضى المعارف الحقة الإلهية، أن مشيته تعالى وإرادته من صفات الفعل، لا من صفات الذات، فلا يكون مثل العلم والقدرة، فهو تعالى لم يزل عالما قادرا، ولا يجوز أن يقال: إنه تعالى لم يزل شائيا مريدا، فإنه قال الرضا صلوات الله وسلامه عليه: المشية والإرادة من صفات الأفعال، فمن زعم أن الله لم يزل مريدا شائيا فليس بموحد، كما تقدم في " رود ".
ونزيدك عليه من الآيات:
قال تعالى: * (إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديرا) *. فيدل على أنه تعالى، إن لم يشأ لم يذهب. والقدرة والعلم على الإذهاب وعدمه متساوية، وهما ثابتان للذات، والإذهاب معلق على المشية، فنقول: إن شاء أذهب، ولا يصح أن يقال: إن علم وقدر أذهب، فهذا دليل الفرق كما هو واضح.