أمير المؤمنين إلى الأبتر بن الأبتر عمرو بن العاص، شانئ محمد وآل محمد في الجاهلية والإسلام، سلام على من اتبع الهدى.
أما بعد، فإنك تركت مروتك لامرئ فاسق مهتوك ستره يشين الكريم بمجلسه ويسفه الحليم بخلطته، فصار قلبك لقلبه تبعا كما وافق شن طبقة، فسلبك دينك وأمانتك ودنياك وآخرتك.
قوله (عليه السلام): وافق شن طبقة. عن مجمع الأمثال ما ملخصه: إن شن رجل من عقلاء العرب فقال: لأطوفن حتى أجد امرأة مثلي فأتزوجها. فبينما هو يسير إذ رافقه رجل في الطريق، فسارا حتى إذا أخذها في مسيرهما، قال شن: أتحملني أم أحملك؟ فلم يفهم المراد فسكت عنه شن، فسارا حتى أتيا زرعا قد استحصد، فقال: أترى هذا الزرع اكل أم لا؟ فلم يفهم، فسكت حتى دخلا قرية لقيتهما جنازة، فقال شن: أترى صاحب هذا النعش حيا أو ميتا؟ فسكت شن، وفي كل ذلك لم يفهم، ويقول له: يا جاهل.
فجاء به الرجل إلى بيته، ونقل لبنته طبقة ما جرى بينهما، فقالت: يا أبه ما هذا بجاهل. أما قوله: " أتحملني أم أحملك " أراد تحدثني أم أحدثك حتى نقطع طريقنا. وأما قوله: " أترى هذا الزرع اكل أم لا " أراد هل باعه أهله فأكلوا ثمنه أم لا. وأما قوله في الجنازة " فأراد هل ترك عقبا يحيي بهم ذكره أم لا " فجاء الرجل إلى شن وأخبره بما أراد.
قال: ما هذا كلامك، فقال: أخبرتني به بنتي طبقة، فخطبها فزوجه وحملها إلى أهله، فلما رأوها قالوا: وافق شن طبقة، فذهبت مثلا للمتوافقين (1).
/ شور... مستدرك سفينة البحار / ج 6 شور: قال تعالى: * (وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله) *، أي استخرج آرائهم، واعلم ما عندهم. واختلف في فائدة مشاورته إياهم مع استغنائه بالوحي على أقوال، جمعها ملخصا: أن ذلك على وجه التطيب لنفوسهم