أمرنا)، الذين إن غضبوا لم يظلموا، وإن رضوا لم يسرفوا، بركة على من جاوروه، سلم لمن خالطوه، أولئك هم السائحون الناحلون الزائلون، ذابلة شفاههم، خميصة بطونهم، متغيرة ألوانهم، مصفرة وجوههم، كثير بكاؤهم، جارية دموعهم، يفرح الناس ويحزنون، وينام الناس ويسهرون، إذا شهدوا لم يعرفوا، وإذا غابوا لم يفتقدوا، وإذا خطبوا الأبكار لم يزوجوا، قلوبهم محزونة، وشرورهم مأمونة، وأنفسهم عفيفة، وحوائجهم خفيفة، ذبل الشفاه من العطش، خمص البطون من الجوع، عمش العيون من السهر، الرهبانية، عليهم لايحة، والخشية لهم لازمة، كلما ذهب منهم سلف خلف في موضعه خلف، أولئك الذين يردون القيامة، وجوههم كالقمر ليلة البدر، يغبطهم الأولون والآخرون، ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون (1).
ونحوه إلى قوله: خالطوه في كلام الباقر (عليه السلام) (2) ويقرب منه في البحار (3).
وقال (عليه السلام) لنوف البكالي: أتدري يا نوف من شيعتي؟ قال: لا والله. قال:
شيعتي الذبل الشفاه، الخمص البطون الذين تعرف الرهبانية، والربانية في وجوههم، رهبان بالليل، أسد بالنهار - الخبر (4). كنز الكراجكي رواه عنه بوجه أبسط، كما في البحار (5).
وعن نوف في حديث مجيئه مع جندب بن زهير والربيع بن خثيم وابن أخيه همام بن عبادة إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، وقوله لجماعة قالوا: نحن من شيعتك: يا هؤلاء مالي لا أرى فيكم سمة شيعتنا، وحلية أحبتنا؟ فأمسك القوم حياء، فأقبل عليه جندب والربيع فقالا له: ما سمة شيعتك يا أمير المؤمنين؟ فسكت فقال همام - وكان عابدا مجتهدا -: أسألك بالذي أكرمكم أهل البيت، وخصكم وحباكم لما أنبأتنا بصفة شيعتك؟