صناعا وكانت تنفق على زوجها وولده فاتت النبي صلى الله عليه وآله فقالت يا رسول الله ان عبد الله وولده شغلاني عن الصدقة فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لك في ولدك اجران اجر الصلة واجر الصدقة وروى عن الصادق (ع) انه لما حشرنا من المدينة إلى المنصور ببغداد لبثنا شهرا لا نعبر عليه فبعد شهر خرج إلينا الربيع الحاجب وقال ابن هؤلاء العلوية فقمنا إليه فقال ليدخل على أمير المؤمنين (ع) منكم اثنان قال (ع) فدخلت انا و عبد الله بن الحسن فسلمنا عليه فقال لي أنت الذي تعلم الغيب فقلت لا يعلم الغيب الا الله فقال أنت الذي يحيى إليك الخراج فقلت الخراج يحيي؟ إليك فقال أتدرون لم أتيت بكم قال الله ورسوله اعلم فقال انما جئت بكم لاحزب؟ دباعكم وأغور قلبكم وأنزلكم؟ بالسراة ولا ادع أحدا من أهل الحجاز ولا من أهل العراق تأتي إليكم فإنهم لكم مفسدة قال (ع) فقلت يا أمير المؤمنين (ع) ان سليمان اعطى فشكر وان أيوب (ع) ابتلى فصبر وان يوسف (ع) ظلم فغفر وأنت من نسل أولئك القوم فاستحيا ثم قال حدثني الحديث الذي رويته لي منذ أوقات قال (ع) روى أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال انا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسما من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها ثبته؟ فقال لست أعني هذا فقال روى أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال الرحم حبل متصل ممدود من الأرض إلى السماء ينادي كل يوم وصل الله من وصلني وقطع الله من قطعني فقال لست أعني هذا فقلت روى أبي عن جدي عن رسول الله (ع) ان ملكا من ملوك بني إسرائيل كان قد بقى من عمره ثلاثة سنة فقطع رحمه فجعلها الله ثلاث سنين وان ملكا من ملوك بني إسرائيل كان قد بقى من عمره ثلاث سنين فوصل رحمه فجعلها الله ثلاثين سنة فقال المنصور والله لأصلن اليوم رحمي اي البلاد أحب إليكم فقال الصادق (ع) المدينة قال فسرحنا إليها سراحا جميلا والاخبار متواترة أكثر من أن تحصى إذا عرفت هذا فإنه يستحب التسوية في العطية لأولاده ولا يفضل بعضا منهم على بعض بل يسوى بين جماعتهم سواء كانوا ذكورا أو إناثا أو بالتفريق وبه قال الشافعي ومالك وأبو حنيفة وأبو يوسف لما رواه ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وآله قال سووا بين أولادكم في العطية فلو كنت مفضلا أحدا لفضلت البنات وقال شريح واحمد واسحق ومحمد بن الحسن المستحب ان يعطي الذكر مثل حظ الأنثيين لان الله تبارك وتعالى قسم الميراث على ذلك واولى ما اتبع قسمة الله عز وجل والفرق ظاهر فان الميراث يستحق بالرحم والتعصيب وغير ذلك ولهذا يرث ابن العم من الأبوين دون العم من الأب عندنا وعندهم يرث العم دون العمة واما العطية فإنها تستحب للرحم والقربى خاصة وذلك يقتضي التسوية بين الذكر والأنثى كالاخوة من الام الا ترى ان النفقة يستوي فيها الجد من الأب والجد من الام وان افترقا في الميراث فكذا العطية ولان التفضل يعطى العداوة ويورث الشحنا بين الأولاد كما جرى في قصة يوسف لدلالة ذلك على رغبة الأب وزيادتها لبعض على بعض وذلك يوجب الحسد ويفضي إلى قطعية الرحم فمنع منه كتزويج المرأة على عمتها وخالتها ولان نعمان بن بشير اتى أبوه به إلى النبي (ص) فقال اني نحلت ابني هذا غلاما فقال النبي صلى الله عليه وآله اكل ولدك نحلت مثل هذا فقال لا فقال اردده وروى أن النبي صلى الله عليه وآله قال أتحب ان يكونوا لك في البر سواء قال نعم قال فارجعه مسألة إذا وهب بعض ولده دون بعض أو فضل بعضا على بعض في حال صحته صح ذلك ولم يأثم به ولكنه يكون قد فعل مكروها وبه قال الشافعي وأبو حنيفة ومالك والليث والثوري وشريح وجابر بن زيد والحسن بن صالح بن حي للأصل ولان للانسان التصرف في ملكه كيف شاء وان يهبه لمن شاء من الأجانب فالأقارب أولي ولان كل من جاز له ان يسوي بينهم في العطية جاز ان يفاضل كالأجنبيات ولان الهبة إذا صحت لا يجب الرجوع فيها كما لو سوى بينهم وقال طاوس لا تصح الهبة لما تقدم في حديث نعمان بن بشير لأنه قال هذا جور وإذا كان جورا كان باطلا وقال احمد وداود يجب ان يسترجع ذلك وعن أحمد رواية أخرى انه لا يصح لأنه قال في حديث النعمان بن بشير فارجعه والخبر ممنوع سلمنا لكن المراد بالجور أنه قال خارج عن السنة الا ترى أنه قال في خبر النعمان اشهد على هذا غيري أمر بتأكيدها وقوله ارجعه انما امره بذلك لان الأب يجوز له ان يرجع فيما وهب عندهم وامره بذلك استحبابا وعلى قولنا انما امره لان الهبة لم يكن مقبوضة إذ ليس في الخبر ما يدل على الاقباض إذا عرفت هذا فقد قال احمد ان الأب يأثم بالتفضيل ويجب عليه التسوية بأحد أمرين إما رد ما فضل به البعض أو اتمام نصيب الأخر لما رواه النعمان بن بشير قال تصدق على أبي ببعض ماله فقالت أبي عمرة بنت رواحة لا أرضي حتى تشهد عليها رسول الله صلى الله عليه وآله فجائني إلى النبي صلى الله عليه وآله ليشهده على صدقته فقال كل ولدك أعطيت مثله قال لا قال فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم قال فرجع أبي في تلك الصدقة وفي لفظ قال فاردده وفي لفظ اخر فارجعه وفي لفظ لا تشهدني على جور وفي لفظ فاشهد على هذا غيري وفي لفظ سووا بينهم ونحن نحمل هذه الرواية مع تسليمها على عدم الاقباض مسألة لو فضل بعض ولده على بعض لمعنى يقتضيه تخصيصه كشدة المخصص بحاجة أو زمانة أو عمى أو كثر عايلة أو اشتغال بعلم ونحوه من الفضايل أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه أو لبدعته أو لكونه تستعين بما اخذه على معصية الله تعالى وينفقه فيها جاز ولم يكن مكروها على اشكال وهو أحد الروايتين عن أحمد ولا خلاف بين العلماء في استحباب التسوية وكراهة التفضيل وليس عليه التسوية بين أقاربه ولا اعطاؤهم على قدر مواريثهم سواء كانوا من جهة واحدة كإخوة وأخوات وأعمام وعمات أو من جهات كأخوه وأعمام وقال بعض العامة المشروع في عطية الأولاد وساير الأقارب ان يعطيهم على قدر ميراثهم فان خالف فعليه ان يرجع ويعمهم بالنحلة لانهم في معنى الأولاد وليس بشي لان الأصل إباحة تصرف الانسان كيف شاء مسألة وهل يلحق الام بالأب فيما تقدم قال بعض العامة بذلك لقول النبي صلى الله عليه وآله اتقوا الله تعالى واعدلوا بين أولادكم ولأنها أحد الأبوين فمنعت التفضيل كالأب ولان المقتضي للمنع من التخصيص في الأب وهو وقوع العداوة بين الأولاد والحسد وقطع الرحم ثابت في حق الام فتساويه في الحكم وهل لها الرجوع لو فضلت مقتضى قول احمد وهو مذهب الشافعي أيضا ذلك لأنها لما دخلت في قول النبي صلى الله عليه وآله سووا بين أولادكم ينبغي ان يتمكن من التسوية بالرجوع في الهبة بل ربما تعين طريقا في التسوية إذا لم يمكن اعطاء الأخر مثل عطية الأول ولأنها لما ساوت الأب في تحريم تفضيل بعض ولدها ينبغي ان يساويه في التمكين من الرجوع فيما فضلته به تخليصا لها من الاثم وإزالة للتفضيل المحرم كالأب وفي الرواية المشتهرة عن أحمد انه لا يصح لها الرجوع فرقا بينها وبين الأب لان للأب ان يأخذ من مال ولده وليس للام ذلك وقال مالك للام الرجوع في هبة ولدها إذا كان أبوه حيا فإن كان ميتا فلا رجوع لها لأنها هبة لليتيم وهبة اليتيم لازمة كصدقة المتطوع وهذا كله ساقط عندنا لأنا لا نحرم التفضيل في العطية بل مكروه ومع تحققه لا يجوز للأب الرجوع فيه إذا اقترنت الهبة بالاقباض مسألة إذا اعطى ولده ماله ثم ولد له ولد اخر لم يجز له الرجوع في عطيته للأول مع شرايط التمليك وقال احمد يرجع ويسوي بينهم وجوبا وليس بجيد قال احمد أحب للرجل ان لا يقسم ماله ويدعه على فرايض الله تعالى لعله ان يولد له ولد فيسوي بينهم وعني بذلك انه يرجع فيما أعطاه أولاده كلهم أو يرجع في بعض ما اعطى كل واحد منهم ليدفعه لهذا الولد الحادث ليساوي اخوته وإن كان هذا الولد الحادث ولد بعد الموت لم يكن له الرجوع على اخوته لان العطية لزمت بموت أبيه الا على رواية أخرى عنه ان للولد الرجوع وكل ذلك عندنا خطأ مسألة ليس للأب ان يأخذ من مال ولده شيئا الا باذنه أو قدر ما يجب له من النفقة عليه إذا امتنع الولد من دفعها وبدون ذلك لا يجوز وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي لان النبي صلى الله عليه وآله قال لا يحل مال امرء مسلم الا عن طيب نفس منه وقال (ع) ان دمائكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا وقال (ع)
(٤٢٤)