منتهى المطلب (ط.ج) - العلامة الحلي - ج ٤ - الصفحة ٤٠٥
لنا: ما رواه الجمهور، عن النبي صلى الله عليه وآله مؤذنيه كانوا يؤذنون مستقبلي القبلة (1)، ولأن الاستقبال فيه مستحب إجماعا، فيستحب في أبعاضه.
احتجوا (2) بأن بلالا أذن والتفت يمينا وشمالا إلا عند الحيعلتين (3).
والجواب: إنه معارض بما ذكرناه، ولأنه يحتمل أن يكون فعل ذلك لا لكونه مستحبا، بل لاعتقاد كونه كذلك، أو لأمور أخر.
مسألة: ويستحب له أن يرفع صوته بالأذان، لأنه أنفع، فالثواب به أكثر، ولما تقدم من الأحاديث الدالة على تقدير الثواب بمقادير بعد الأصوات (4)، ولا يجهد نفسه في رفع صوته، لحصول الضرر بذلك، والمستحب له أن يرفع صوته في جميع فصوله. ولو كان الأذان للحاضرين جاز له إخفاته، بحيث لا يتجاوزهم الصوت. ويستحب أن يكون حسن الصوت، ليكون إقبال الناس عليه أبلغ.
مسألة: ويجوز أن يكون أعمى بلا خلاف، ويستحب أن يكون مبصرا ليأمن الغلط، فإن أذن الأعمى يستحب أن يكون معه من يسدده ويعرفه دخول الوقت، فإن ابن أم مكتوم (5) كان يؤذن للنبي صلى الله عليه وآله وكان أعمى لا ينادي حتى يقال

(١) المغني ١: ٤٧٢.
(٢) المهذب للشيرازي ١: ٥٧، المجموع ٣: ١٠٣، مغني المحتاج ١: ١٣٦.
(٣) صحيح البخاري ١: ١٦٣، سنن أبي داود ١: ١٤٣ حديث ٥٢٠، سنن الترمذي ١: ٣٧٥ حديث ١٩٧، سنن النسائي ٢: ١٢، مسند أحمد ٤: ٣٠٨ وفي الجميع بتفاوت يسير.
(٤) تقدم في ص ٤٠٠.
(٥) عمرو بن زائدة، ويقال: عمرو بن قيس بن زائد، ويقال: زياد بن الأصم، واسم الأصم: جندب بن هرم بن رواحة بن حجر... العامري المعروف ب‍ (ابن أم مكتوم) مؤذن النبي صلى الله عليه وآله، وقيل: اسمه عبد الله، هاجر قبل مقدم النبي صلى الله عليه وآله إلى المدينة، واستخلفه النبي صلى الله عليه وآله على المدينة ثلاث عشرة مرة، وهو الأعمى المذكور في القرآن في (عبس وتولى). روى عن النبي صلى الله عليه وآله، وروى عنه أنس بن مالك وعبد الله بن شداد وزر بن حبيش وغيرهم.
أسد الغابة ٤: ١٢٧، تهذيب التهذيب ٨: ٣٤.
(٤٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 400 401 402 403 404 405 406 407 408 409 410 ... » »»
الفهرست