تسع عشرة كلمة. (والإقامة فرادى إلا لفظ الإقامة)، والأصل في ذلك حديث أنس: أمر بلال بأن يشفع الاذان ويوتر الإقامة إلا الإقامة متفق عليه. واستثناء لفظ الإقامة من زيادته، واعتذر في الدقائق عن عدم استثنائه التكبير فإنه يثني في أولها وآخرها بأنه على نصف لفظه في الاذان فكأنه فرد اه. وهذا ظاهر في التكبير أولها، وأما في آخرها فهو مساو للاذان، فالأولى أن يقال: ومعظمها فرادى. والحكمة في تثنية لفظ الإقامة كونها المصرحة بالمقصود، وكلمات الإقامة مشهورة وعدتها إحدى عشر كلمة. (ويسن إدراجها) أي الاسراع بها مع بيان حروفها، فيجمع بين كل كلمتين منها بصوت والكلمة الأخيرة بصوت. (وترتيله) أي الاذان أي التأني فيه، فيجمع بين كل تكبيرتين بصوت ويفرد باقي كلماته للامر بذلك كما أخرجه الحاكم، لأن الاذان للغائبين فكان الترتيل فيه أبلغ، والإقامة للحاضرين فكان الادراج فيه أنسب.
قال الهروي: عوام الناس يقولون أكبر بضم الراء إذا وصل، وكان المبرد يفتح الراء من أكبر الأولى ويسكن الثانية. قال المبرد:
لأن الاذان سمع موقوفا فكان الأصل إسكانها، لكن لما وقعت قبل فتحة همزة الله الثانية فتحت كقوله تعالى: * (ألم الله) * وجرى على كلام المبرد ابن المقري. والأول كما قال شيخنا هو القياس. وما علل به المبرد ممنوع، إذ الوقف ليس على أكبر الأول وليس هو مثل ميم ألم كما لا يخفى. (والترجيح فيه) أي الاذان، لثبوته في خبر مسلم عن أبي محذورة: وهو أن يأتي بالشهادتين سرا قبل أن يأتي بهما جهرا، فهو اسم للأول كما صرح به المصنف في مجموعه ودقائقه وتحريره وتحقيقه وإن قال في شرح مسلم إنه للثاني، وظاهر كلام ابن المقري كأصله أنه اسم لمجموعهما. والمراد بالاسرار بهما أن يسمع من بقربه أو أهل المسجد، أي أو نحوه إن كان واقفا عليهم والمسجد متوسط الخطة، كما صححه ابن الرفعة ونقله عن النص وغيره، وهذا تفسير مراد وإلا فحقيقة الاسرار هو أن يسمع نفسه لأنه ضد الجهر، ولذلك قال بعضهم: إنه يحتمل أن يكون كإسرار القراءة في الصلاة السرية، وربما يقال إنه يتعين أن يكون الترجيح هو السر لأنه سنة ولو تركه صح الاذان بخلاف ما إذا قلنا إنه الثاني أو هما. فإن قيل: إن السر هنا هو بحيث يسمع من بقربه فيكفي. أجيب بأن إسماع من بقربه لا يكفي إلا إذا كان هو المصلي فالكلام أعم من ذلك، وحكمته تدبر كلمتي الاخلاص لكونهما المنجيتين من الكفر المدخلتين في الاسلام، ويذكر خفاءهما في أول الاسلام ثم ظهورهما وفي ذلك نعمة ظاهرة. وسمي بذلك لأنه رجع إلى الرفع بعد أن تركه، أو إلى الشهادتين بعد ذكرهما. (و) يسن (التثويب) ويقال التثوب بالمثلثة فيهما. (في) أذان (الصبح) وهو قوله بعد الحيعلتين: الصلاة خير من النوم مرتين لوروده في خبر أبي داود وغيره بإسناد جيد كما في المجموع.
وخص بالصبح لما يعرض للنائم من التكاسل بسبب النوم. وإطلاقه شامل لاذان الفائتة إذا قلنا به، وبه صرح ابن عجيل اليمني نظرا لاصله، وشامل لأذاني الصبح، وهو ما صححه في التحقيق، وهو المعتمد وإن قال البغوي إنه إذا ثوب في الأول لا يثوب في الثاني على الأصح، وأقره في الروضة تبعا لأصلها. ويكره أن يثوب لغير أذان الصبح، لقوله (ص):
من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد وسمي ذلك تثويبا من ثاب إذا رجع، لأن المؤذن دعا إلى الصلاة بالحيعلتين، ثم دعا إليها بقوله: الصلاة خير من النوم، أي اليقظة للصلاة خير من الراحة التي تحصل من النوم. ويسن أن يقول في الليلة المطيرة أو المظلمة ذات الريح بعد الاذان: ألا صلوا في رحالكم. فلو جعله بعد الحيعلتين أو عوضا عنهما جاز، ففي البخاري الامر بذلك. (و) يسن (أن يؤذن) ويقيم (قائما) لخبر الصحيحين: قم يا بلال فناد بالصلاة ولأنه أبلغ في الاعلام. وأن يكون متوجها (للقبلة) فيهما، لأنها أشرف الجهات، ولأنه منقول سلفا وخلفا، فلو ترك الاستقبال أو القيام مع القدرة عليه كره وأجزأه، لأن ذلك لا يخل بالاذان، والاضطجاع فيما ذكر أشد كراهة من القعود. ويسن الالتفات بعنقه في حيعلات الأذان والإقامة. ولا يصدره من غير انتقال عن محله ولو بمنارة محافظة على الاستقبال يمينا مرة في قوله حي على الصلاة مرتين وشمالا مرة في قوله حي على الفلاح مرتين حتى يتمهما في الالتفاتين، روى الشيخان: أن أبا جحيفة قال: رأيت بلالا يؤذن فجعلت أتتبع فاه ههنا وههنا، يقول يمينا وشمالا: حي على الصلاة