مسألة: وإذا اختلف اجتهاد رجلين عول كل منهما على اجتهاد نفسه ولا يتبع أحدهما صاحبه. ونعني بالمجتهد في القبلة: العالم بأدلتها وإن كان جاهلا بأحكام الشرع، والمقلد: من لا يتمكن من الصلاة باجتهاد، إما لعدم بصره كالأعمى، أو لعدم علمه كالعامي الذي لا يمكنه التعلم والصلاة باجتهاده قبل خروج الوقت. أما من يتمكن فإنه يلزمه التعلم، لأن كل واحد منهما يحكم بخطأ صاحبه، فلا يجوز له التعويل عليه فيه.
فروع:
الأول: لا فرق بين أن يتساويا في العلم أو يتفاوتا فيه مع تساويهما في شرائط الاجتهاد في هذه المسألة، كالعالمين في الحادثة، فإنه لا يرجع غير الأعلم إلى الأعلم فيها.
الثاني: لو اجتهد أحدهما وأراد الآخر تقليده من غير اجتهاد لم يجز ذلك، لأنه يتمكن من الاجتهاد فلا يعول على غيره، هذا إذا كان الوقت واسعا، أما مع ضيق الوقت عن الاجتهاد ففي جواز الرجوع إلى التقليد نظر أقربه الجواز، كمن دخل إلى مدينة، فإنه يعول على قبلة أهلها.
الثالث: قال الشيخ: إذا اختلف الاجتهاد لم يأتم أحدهما بالآخر (1). وبه قال الشافعي (2)، خلافا لأبي ثور (3).
لنا: إن كل واحد منهما يعتقد خطأ صاحبه، فلا يجوز له أن يأتم به، كما لو خرجت من أحدهما ريح واعتقد كل منهما إنها من صاحبه.
احتج أبو ثور بأن كل واحد منهما يعتقد صحة صلاة صاحبه وإن فرضه التوجه إلى ما توجه إليه.