لنا: إنها صلاة منهي عنها، والنهي يدل على الفساد في العبادات.
احتج المخالف بأن النهي لا يعود إلى الصلاة، فلم يمنع صحتها، كما لو صلى وهو يرى غريقا يمكن إنقاذه فلم ينقذه، أو حريقا يقدر على إطفائه فلم يطفه، أو مطل غريمه الذي يقدر على إيفائه وصلى (1). ولأن النهي لا يدل على الفساد كالنهي عن الوضوء في المكان المغصوب، وعن إزالة النجاسة بالماء المغصوب.
والجواب عن الأول: إن الصلاة مركبة من أشياء من جملتها القيام والقعود وهو منهي عنهما، فكان النهي متناولا للصلاة بخلاف الحريق، لأنه ليس بمنهي عن الصلاة، بل هو مأمور بإطفائه وإنقاذ الغريق وإيفاء الدين وبالصلاة إلا أن أحدهما آكد من الآخر، وفي صورة النزاع أفعال الصلاة منهي عنها، فافترق البابان.
وعن الثاني: بالفرق بين الوضوء في المكان المغصوب والصلاة فيه، فإن الكون ليس جزءا من الوضوء ولا شرطا وهو جزء من الصلاة، وإزالة عين النجاسة ليس عبادة في نفسه ما لم يقترن بالنية، وإذا صح وقوعها غير عبادة أمكن مع العصيان بها، كما يزيل الكافر والصبي، بخلاف الصلاة التي لا تقع إلا عبادة، فلا تصح مع النهي عنها.
فروع:
الأول: لو كان جاهلا بالغصبية صحت صلاته إجماعا. أما لو كان عالما بالغصبية وجاهلا بالتحريم، فإنه لا يكون معذورا، ولا تصح صلاته عندنا لما مر.
الثاني: لو كان مضطرا إلى الصلاة في المكان المغصوب بأن يكون محبوسا أو شبهه من المضطرين صلى في المكان المغصوب، لأن التحريم يزول مع الكراهية، وهل يجب عليه التأخير إلى آخر الوقت؟ فيه خلاف بين علمائنا.