منتهى المطلب (ط.ج) - العلامة الحلي - ج ٤ - الصفحة ١٦٩
فانحرفوا إلى الكعبة (١).
ومن طريق الخاصة: ما رواه ابن بابويه، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى بيت المقدس بعد النبوة ثلاث عشرة سنة بمكة، وتسعة عشر شهرا بالمدينة، ثم عيرته اليهود فقالوا له: إنك تابع لقبلتنا، فاغتم لذلك غما شديدا، فلما كان في بعض الليل خرج عليه السلام يقلب وجهه في آفاق السماء، فلما أصبح صلى الغداة، فلما صلى من الظهر ركعتين جاءه جبرئيل عليه السلام فقال له: ﴿قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضيها فول وجهك شطر المسجد الحرام﴾ (٢) الآية، ثم أخذ بيد النبي صلى الله عليه وآله فحول وجهه إلى الكعبة وحول من خلفه وجوههم حتى قام الرجال مقام النساء والنساء مقام الرجال، فكان أول صلاته إلى بيت المقدس وآخرها إلى الكعبة، وبلغ الخبر مسجدا بالمدينة وقد صلى أهله من العصر ركعتين، فحولوا نحو الكعبة، فكان أول صلاتهم إلى بيت المقدس، وآخرها إلى الكعبة، فسمي ذلك المسجد مسجد القبلتين، فقال المسلمون: صلاتنا إلى بيت المقدس تضيع يا رسول الله؟ فأنزل الله عز وجل ﴿وما كان الله ليضيع إيمانكم﴾ (3) يعني صلاتكم إلى بيت المقدس (4).
وفي هذا الحديث فوائد فقهية وأصولية ذكرناها في كتاب استقصاء الاعتبار.
مسألة: وجوب الاستقبال يستدعي وجوب معرفة القبلة، وإلا لزم التكليف بالمحال، ومعرفة القبلة قد تحصل بالمشاهدة، وهذا يختص الحاضرين في المسجد الحرام، وقد تحصل بالدلائل والعلامات، وذلك حكم الغائبين في الأمصار. والبحث هاهنا في

(١) سنن النسائي ١: ٢٤٣. ونقله في صحيح البخاري ٦: ٢٧، وصحيح مسلم ١: ٣٧٤ حديث ٥٢٥ بتفاوت.
(٢) البقرة: ١٤٥.
(٣) البقرة: ١٤٤.
الفقيه ١: ١٧٨ حديث 843، الوسائل 3: 218 الباب 2 من أبواب القبلة، حديث 12.
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»
الفهرست