مقصودا في ذلك السبب، ومجرد القصد العاري عن السبب غير مملك، فلا وجه لحصوله، فتدبر.
مضافا إلى متعلقات العقود إنما هي محال لآثارها، بمعنى أنها مورد للملك والطلاق والنكاح والعتق ونحو ذلك، ولا ريب أن هذه الأمور تحتاج إلى محال مقررة في نفس الأمر على حسب ما هو المعتبر في المفهوم، فإن كان شيئا يتقوم بالكلي والعين فلابد من تعينه على طريق الكلية أو العينية، وإن كان مما لا يتقرر إلا بشخص - كالعتق والطلاق والنكاح على أحد الوجهين، وهو الأصح - فلابد من تعينه الشخصي حتى يتحقق الأثر فما لم يتعين هذه المحال في نظر المتعاقدين بحيث يكون قابلا لورود الآثار المطلوبة عليها لا يتحقق للأثر محل، فيستلزم الفساد، لتخلف الأثر عن المؤثر، وليس الفساد إلا ذلك، وتعيين المحل بعد فساد المؤثر غير مجد.
وكذلك الكلام في المتعاقدين، فإنهما اللذان يعقدان ويتعاهدان ويربطان، فلو صدر من أحدهما الإيجاب بدون تعين الاخر لم يتحقق هنا ربط من هذا الجانب، ولا عهد مع أحد، وتعين أحد بعد الصدور لا يجعل العهد السابق له، وذلك واضح جدا.
وفي كلامنا السابق في خصوص تعيين المتعلق إفادات تتنبه عليها بعد تأمل غامض وتتيقن أنه صادر عن طبيعة ماهرة في الفن ويندفع بالغور في أطراف ذلك الكلام إشكالات (1) مركوزة في أذهان القاصرين في جواز بيع الكلي وعدم جواز نكاحه وطلاقه - كما هو الأصح - ونظائر ذلك. وليس هذا من جهة عدم اشتراط قصد المتعلق، بل الحق أن قصد الأركان لازم في العقود كافة، وإنما البحث في أن متعلق كل عقد أي شئ حتى نعرف ما هو لازم القصد دون غيره؟ وأي سبب لعدم تعلق النكاح بالكلي دون البيع؟ وهذا كلام سنحققه لك إن شاء الله تعالى في ضبط متعلقات العقود.