والتفريط فقد دخلت تحت عموم اليد، بمعنى: أن هذه الحالة أو هذا الفرد كان داخلا تحتها غير خارج عنها.
ومنشأ كون التعدي والتفريط مخرجا عن الأمانة ودليل إسقاط الضمان أنه سيأتي في محله: أن عدم ضمان الأمانة: إما من جهة النصوص الدالة على عدم ثبوت شئ على الأمين، وإما من جهة قاعدة الأذن من المالك ومن قام مقامه أو من الله - تبارك وتعالى - في الأمانات الشرعية بناءا على أن الأذن لا يستعقب الضمان - على تفصيل يأتي في محله - وإما من جهة إجماع الأصحاب على عدم الضمان على الأمين، وإما من جهة قاعدة نفي الضرر، وإما من جهة لزوم العسر والحرج وسد باب المعاملات والودائع لو لم يكن الحكم كذلك.
وهذه الأمور كلها منتفية بعد التعدي والتفريط، لخروج الأمين بذلك عن صدق الأمين عرفا كما لا يخفى، لأن الأمانة مقابلة للخيانة، ولا ريب أن التعدي والتفريط خيانة، فإذا خرج عنه فهو داخل في عموم دليل الضمان.
وأما الأذن: فلا ريب في كونه مقيدا بعدم صدور مثل ذلك عنه، سواء كان من جانب المالك ونحوه أو الشرع، حتى أن الأذن المطلق أيضا لا ينصرف إلى صورة التعدي والتفريط. وأما التصريح بعدم الضمان وإن تعدى، فهو رخصة في الإتلاف، وهو خارج عن فرض الاستئمان.
وأما الإجماع: فهو في صورة التفريط أو التعدي غير محقق، بل الحق أن إجماع الأصحاب على تحقق الضمان بأحدهما - كما ذكروه في الوديعة والعارية والمضاربة والإجارة والوكالة والوصية واللقطة وعامل الجعالة والمساقاة والمزارعة والشركة وغير ذلك - محقق عند من تدبر.
وأما مسألة نفي الضرر: فلا تأتي في المقام، لأن الأمين قد فتح باب الضرر على نفسه بالتعدي والتفريط، مع أن تضرره بالغرامة معارض بتضرر المالك بتلف ماله، فعموم اليد سليم عن المعارض.
ومثل ذلك نقول في العسر والحرج، فإن الأمين غير ضامن إلا إذا خرج عن