ولو أريد الجواز واللزوم بمعنى الرخصة وعدمه في الفسخ بالنسبة إلى المكلفين فيمكن القول بالتلفيق، ولكنه يلزم على هذا أن يكون كل عقد كذلك، إذ غايته جواز الفسخ للمتعاقدين وليس لسائر الناس فسخه، فيكون لازما من وجه وجازا من وجه آخر.
واحتمال أن المراد إنما هو الجواز والعدم بالنسبة إلى المتعاقدين - إذ لا ربط لغيرهما بذلك - بعيد مستلزم للتخصيص في عموم أوفوا بالعقود الدال على لزوم العقد.
وبيان ذلك: أن عموم أوفوا بالعقود إنما دل على أن كل أحد من المكلفين لعموم الخطاب مأمورون بالوفاء بكل عقد عقد من أي شخص صدر، ومن المعلوم:
أن صدور العقد الواحد من ألف أو جميع المكلفين محال، فيصير المعنى: كل أحد مكلف بالوفاء بكل عقد من أي منهم صدر، وتخصيص هذا بالمتعاقدين يحتاج إلى دليل، إذ لا إشعار في الآية على أن الوفاء لازم على المتعاقدين دون غيرهما، ومقتضى ذلك ثبوت لزوم العقد بالنسبة إلى كل أحد، فلو كان جائزا في حق المتعاقدين غير جائز من غيرهما فينبغي أن يكون ملفقا خارجا بالدليل بالنسبة إلى خصوص المتعاقدين، ويبقى على لزومه بالنسبة إلى الغير، فلا وجه لعده جائزا مطلقا.
لا يقال: ليس المراد وجوب الوفاء على كل عقد (1) بل المراد منها (2) وجوب وفاء كل أحد بعقده، فيصير التقدير: أوفوا بعقودكم، ويظهر منه في العرف التوزيع، بمعنى أن كل أحد يفي بما هو عقده، لا أن زيدا يفي بعقد عمرو ونحو ذلك، إذ وفاء الغير بعقد الغير غير معقول، إذ ليس بيده شئ حتى يفي ذلك، وليس الأمر إلا فرع الاختيار والتسلط، فتدبر. لأنا نقول: صرف الآية على هذا المعنى إن كان بدعوى الفهم العرفي فهو