وسابعها: ما تساوت أجزاؤها وجزئياتها.
ويرد على هذا التعريف: أنه إن كان المراد من الأجزاء ما يطلق عليه الاسم، فعاد إلى الأفراد فلا وجه لذكر الأجزاء. وإن كان المراد أجزاء الفرد - كنصف الحنطة والدرهم، ونحو ذلك - فيرد عليه ما مر من الاعتراض بالقشر واللب ونحوه، فإنه من أجزاء الفرد الواحد مع عدم تساوي القيمة. ويمكن أن يقال بملاحظة الحيثية بأن يقال: إن الأجزاء لها جهات، فمن الجهة التي هي متساوية في القيمة فهي مثلية، ومن الجهة الأخرى قيمية، فالحنطة لو اعتبرت أجزاؤها بالقشر واللب فهي قيمية، ولو لوحظت أجزاؤها بنصف الحنطة وربعها ونحو ذلك فهي مثلية - فتأمل - فيصير الأحكام في المثلية والقيمية تابعة لكيفية الضمان.
وثامنها: أن المثلي ما إذا جمع بعد التفريق أو فرق بعد الاجتماع عاد الأول بغير علاج.
ويرد على هذا الفرض أيضا بعض ما يرد على التعاريف السابقة.
والتحقيق أن يقال: إن المثلي والقيمي تحديدهما موكول إلى العرف، فإن أهل العرف يعدون بعض الأشياء مما لا تفاوت بين أفرادها ولا يداقون في أخذ فرد دون فرد وينسبون كل من فرق بين أفراده إلى السفاهة والبلاهة لاهتمامه فيما لا يلتفت إليه عند العقلاء، ويعدون بعض الأشياء مما يصير فيها التفاوت وإن تشابهت في الصورة ولم يتميز في الحس في بادئ النظر، بل عند الأغلب، لكن يعرفون أن الممارسين في هذا الشئ أو هذه الصنعة (1) يعرفون أن فيه جيدا ورديئا وإن كان لا يطلع عليه كل ناظر، بل الغالب يتخيلون التساوي، ولذلك لا يعتنون من لم يتفحص عن ذلك، ويخرجونه عن ربقة الرشد وكمال العقل، وهذان الأمران مما يقال لهما المثلي والقيمي، وما ذكره الأصحاب كلها إشارة إلى ما هو في الواقع كذلك، وليس ذلك اختلافا منهم في الحكم، بل إنما (2) غرضهم تحديد العرف،